الفصل الثاني الإجمال في الكتاب والسنة .
اعلم أن الإجمال واقع في الكتاب والسنة قال أبو بكر الصيرفي ولا أعلم أحدا أبى هذا غير داود الظاهري وقيل إنه لم يبق مجمل في كتاب الله تعالى بعد موت النبي صضص وقال إمام الحرمين إن مختار ما يثبت التكليف به لا إجمال فيه لأن التكليف بالمجمل تكليف بالمحال وما لا يتعلق به تكليف فلا يبعد استمرار الإجمال فيه بعد وفاته صضص قال الماوردي والروياني يجوز التعبد بالخطاب المجمل قبل البيان لأنه صضص بعث معاذا إلى اليمن وقال ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله الحديث وتعبدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها قالا وإنما جاز الخطاب بالمجمل وإن كانوا لا يفهمونه لأحد الأمرين : .
الأول : أن يكون إجماله توطئة للنفس على قبول ما يتعقبه من البيان فإنه لو بدأ في تكليف الصلاة بها لجاز أن تنفر النفوس منها ولا تنفر من إجمالها .
والثاني : أن الله تعالى جعل من الأحكام جليا وجعل منها خفيا ليتفاضل الناس في العمل بها ويثابوا على الاستنباط لها فلذلك جعل منها مفسرا جليا وجعل منهما مجملا خفيا قال الأستاذ أبو إسحاق الشيرازي وحكم المجمل التوقف فيه إلى أن يفسر ولا يصح الاحتجاج بظاهره في شيء يقع فيه النزاع قال الماوردي إن كان الإجمال من جهة الاشتراك واقترن به تبيينه أخذ به فإن تجرد عن ذلك واقترن به عرف يعمل به فإن تجرد عنهما وجب الاجتهاد في المراد منه وكان من خفي الأحكام التي وكل العلماء فيها إلى الاستنباط فصار داخلا في المجمل لخفائه وخارجا منه لإمكان الاستنباط