إضافته إلى النقل تكسبه التذكير وإنما قيده بالصفة لأن الصحيح هو المعتبر وإن كان التدوين لأعم من ذلك والأخبار جمع خبر أريد به هنا النسبة الثبوتية أو السلبية والآحاد جمع أحد بمعنى الواحد كبطل وأبطال .
والتواتر لغة تتابع الشيء مع تراخ واصطلاحا أفاده قوله فما روى جماعة إلى آخره وهو تعريف للمتواتر لأنه المقصود بالبحث وهو مبتدأ خبره قوله فإنه الأول ودخول الفاء لتضمن المبتدأ لمعنى الشرط ونسبة الإفادة إلى الجماعة وإن كانت الإفادة القريبة لخبرهم لأنهم السبب البعيد وقوله بنفسه يتعلق بأفادوا والمراد أفادوا بنفس خبرهم وهو احتراز عما يفيد ذلك بالقرائن من أخبار الآحاد عند من يقول به وقد حققناه في شرح التنقيح فخرج أخبار جماعة لا يفيد العلم وخبر الواحد الذي يفيده بالقرينة .
ولما اختلف أئمة الأصول هل يشترط عدد الجماعة الذين يحصل بخبرهم التواتر أو لا ذهب قوم إلى اشتراطه ثم اختلفوا فيه فقيل أربعة وهو أقل ما قيل وقيل ثلاثمائة وبضعة عشر وهو أكثر ما قيل وبينهما أقوال في تعيين أعدادهم وكلها أقوال لا ينهض على شيء منها الاستدلال فلذا قلنا إن فقد عدم اعتبار عدد محصور برتبة معينة هو القول القوي وإنما ضابطه حصول العلم إلا أن إفادته العلم تختلف باختلاف المخبرين في التدين والجزم والتنزه عن الكذب وتباعد الأقطار وارتفاع تهم الأغراض والاطلاع من المخبرين على المخبر به عادة كدخاليل الملك إذا أخبروا عن أحواله الباطنة وتختلف باختلاف السامع فكم من سامع يحصل له العلم بخبر جماعة لا يحصل لآخر بذلك الخبر لاختلافهم في تفرس أخبار الصدق وانتفائها والإدراك والفطنة وتختلف باختلاف المخبر عنه كأن يكون خبرا خفيا أو غريبا أو ظاهرا أو مبتذلا