بفسق من خالفه لما أتى ... من قوله ويتبع وما روى ... أئمة الآثار عن خير الورى ... من الأحاديث فسائل من ترى ... .
فصدر البيت يشير إلى حكم من خالف الإجماع القطعي وهو المنقول تواترا بأنه بمخالفته إياه يكون فاسقا والفاسق من له منزلة بين المنزلتين عند المعتزلة أي منزلة الإيمان ومنزلة الكفر وحكمه في الدين معروف لا تقبل له رواية ولا شهادة ولا يصلى خلفه وغير ذلك وفي الآخرة إن مات وهو غير تائب أنه من أهل النار خالدا فيها مخلدا والمسألة مقررة في علم الكلام واعلم أن كون الإجماع حجة قطعية إن روي تواترا مسألة خلاف وتفصيل فإن كان مما علم ضرورة كالصلوات الخمس مثلا وإن كان وجوبها علم من ضرورة الدين لا من باب الإجماع بخصوصه فمخالف هذا لا خلاف في كفره وليس من محل النزاع وإنما وقع به التمثيل لاستيفاء ما قيل وإن لم يكن مما علم من الدين ضرورة فقيل يكفر مخالفه ونسب إلى الحنفية وقال الجمهور لا يكفر لكنه يفسق قالوا لأنه تعالى توعده بالإصلاء في النار وأقل أحواله أن يكون فاسقا .
قلت والمسألة عائدة إلى تحقيق معنى الكبيرة والخلاف مبسوط في محله فإن فسرت بما توعد عليه بالنار ثم الاستدلال بالآية لا يتم على التفسيق إلا بتقرير كون الآية قطعية الدلالة على الإجماع وقد أورد عليه المهدي في شرح المعيار وغيره من الخدش في دلالتها على ذلك بما كاد يخرجها عن مرتبة الظن فضلا عن القطع والمراد بالآية ما أشار إليه الناظم بقوله ويتبع فهو إشارة إلى قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ووجه الاستدلال بها أنه تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين كما توعد مشاققة الرسول A فدل على تحريم مخالفتهم وهو المطلوب ولكن قد قدمنا في أول بحث الإجماع تحقيق الكلام على الآية وأنها لا تنهض دلالتها على حجة الإجماع ولا على فسق من يخالفه