المسائل القطعية ثم قال ها هنا إنه من الأدلة الظنية إلا أنه لما تدافع كلام الأصل أشرنا بقولنا عند مثبتيه فإنه إشارة إلى أن من الناس من ينفيه ونفيه إنما يكون في المسائل الاجتهادية والقطعية فإنه اتفاق كما عرفت فقولنا وهو من الأدلة الظنية أي السكوتي الذي فيه الخلاف إثباتا ونفيا وليس إلا ما في المسائل الاجتهادية والحاصل أن السكوتي مع حصول شرائطه يكون إجماعا في المسائل القطعية بلا خلاف وأما في الاجتهادية فهو دليل ظني عند المثبتين ! له ولك أن تقول إن الحكم يكون من الأدلة الظنية لا ينافي كون الكلام أي كلام الأصل فيه بالنظر إلى المسائل القطعية فإن استفادة القطع من أمور خارجة وهي وقوعه فيها لا لذاته وفي هذا دفع لما يقال كيف يصح إثبات المسائل القطعية في السكوت وهو ظني فإنه إذا وقع فيها كان قطعيا بقرائن المقام ... وأجمعت أصحابه من بعده ... على خطا من مال بعد عقده ... ومثلهم لا يجمعون إلا ... عن قاطع في مثله قد دلا ... .
هذا دليل ثان بعد الأدلة السمعية السابقة على حجية الإجماع وهو كما في النظم إن الصحابة قد أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف والعادة قاضية بأنهم لا يجمعون إلا على دليل قاطع وذلك لما لهم من الصفات الحميدة وتزكية رسول الله A لهم بأنهم خير القرون وثناء الله عليهم في القرآن بمثل كنتم خير أمة أخرجت للناس و محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم الآية فلذا قال ومثلهم أي من كان بتلك الصفات وليس إلا هم وبه يعرف أنه لا يرد إجماع اليهود على عدم نسخ شريعة موسى وإجماع النصارى على قتل عيسى وذلك أنه قد أبان الله حقيقة حالهم وباطن أمرهم وما هم عليه من التحريف والتبديل والكذب وغيرها من الصفات القاضية ببطلان إجماعهم وبالجملة فإنما يرد نقضا إذا وجد فيه ما ذكرنا من القيود وانتفاؤه ظاهر وقوله في مثله أي مثل الحكم بخطأ من خالف الإجماع بعد انعقاده من