المسألة الثانية التي أشار إليها قولنا كذا دليل ثالث أي كذا جائز إحداث دليل ثالث ورابع وذلك أنه إذا استدل أهل العصر على مسألة بدليلين مثلا فإنه قد قيل لا يجوز إحداث غير ما استدلوا به لأنه خروج عن سبيلهم وهذا قول ضعيف لأن المطلوب من الأدلة أحكامها لا أعيانها والممنوع مخالفة الحكم لا مخالفة الدليل وقيل بل يجوز إحداث ذلك وهذا الذي أفاده النظم بقوله دليل ثالث فإن الإشارة بقوله كذا إلى جواز لا إلى التفصيل السابق في البيت الأول إذ لا يتصور جريانه فيما نحن فيه والتقييد بقولنا ثالث تبع للأصل وأصله المعيار وكأنهما أرادا مثلا فإن الخلاف واقع من غير شرطية تقديم دليلين فلو اتفق أهل العصر على دليل جاء الخلاف في إحداث دليل غيره والدليل لما اخترناه من الجواز أن إحداث دليل غير دليلهم لا مخالفة فيه لما أجمعوا عليه ولا رفع لما أحدثوه ثم إن المطلوب من الأدلة أحكامها كما عرفت وحكي عن