والخلود والصفاء فكذلك القلب مع النفس والعقل مع البصر .
وبيان ما يسقط اعتباره من القياس لقوة الأثر الاستحسان الذي هو القياس المستحسن في سؤر سباع الطير فالقياس فيه النجاسة اعتبارا بسؤر سباع الوحش بعلة حرمة التناول وفي الاستحسان لا يكون نجسا لأن السباع غير محرم الانتفاع بها فعرفنا أن عينها ليست بنجسة وإنما كانت نجاسة سؤر سباع الوحش باعتبار حرمة الأكل لأنها تشرب بلسانها وهو رطب من لعابها ولعابها يتجلب من لحمها وهذا لا يوجد في سباع الطير لأنها تأخذ الماء بمنقارها ثم تبتلعه ومنقارها عظم جاف والعظم لا يكون نجسا من الميت فكيف يكون نجسا من الحي .
ثم تأيد هذا بالعلة المنصوص عليها في الهرة فإن معنى البلوى يتحقق في سؤر سباع الطير لأنها تنقض من الهواء ولا يمكن صون الأواني عنها خصوصا في الصحارى وبهذا يتبين أن من ادعى أن القول بالاستحسان قول بتخصيص العلة فقد أخطأ لأن بما ذكرنا تبين أن المعنى الموجب لنجاسة سؤر سباع الوحش الرطوبة النجسة في الآلة التي تشرب بها وقد انعدم ذلك في سباع الطير فانعدم الحكم لانعدام العلة وذلك لا يكون من تخصيص العلة في شيء وعلى اعتبار الصورة يتراءى ذلك ولكن يتبين عند التأمل انعدام العلة أيضا لأن العلة وجوب التحرز عن الرطوبة النجسة التي يمكن التحرز عنها من غير حرج وقد صار هذا معلوما بالتنصيص على هذا التعليل في الهرة ففي كل موضع ينعدم بعض أوصاف العلة كان انعدام الحكم لانعدام العلة فلا يكون تخصيصا .
وبيان الاستحسان الذي يظهر أثره ويخفى فساده مع القياس الذي يستتر أثره ويكون قويا في نفسه حتى يؤخذ فيه بالقياس ويترك الاستحسان فيما يقول في كتاب الصلاة إذا قرأ المصلي سورة في آخرها سجدة فركع بها في القياس تجزيه وفي الاستحسان لا تجزيه عن السجود وبالقياس نأخذ فوجه الاستحسان أن الركوع غير السجود وضعا ألا ترى أن الركوع في الصلاة