وأما المعنى الذي هو المراد بدلالته وهو أنه مدرك من مدارك أحكام الشرع ومفصل من مفاصله وإنما يتبين هنا ببسط الكلام فنقول إن الله تعالى ابتلانا باستعمال الرأي والاعتبار وجعل ذلك موضوعا على مثال ما يكون بين العباد مما شرعه من الدعوى والبينات فالنصوص شهود على حقوق الله تعالى وأحكامه بمنزلة الشهود في الدعاوى ومعنى النصوص ( شهادته بمنزلة ) شهادة الشاهد ثم لا بد من صلاحية الشاهد بكونه حرا عاقلا بالغا فكذلك لا بد من صلاحية النص لكونه شاهدا بكونه معقول المعنى ولا بد من صلاحية الشهادة بوجود لفظها فكذلك لا بد من صلاحية الوصف الذي هو بمنزلة الشهادة وذلك بأن يكون ملائما للحكم أو مؤثرا فيه على ما نبين الاختلاف فيه ولا بد مما هو قائم مقام الطالب فيه وهو القائس ولا بد من مطلوب وهو الحكم الشرعي فالمقصود تعدية الحكم إلى الفروع ولا بد من مقضي عليه وهو عقد القلب ليترتب عليه العمل بالبدن إن كان يحاج نفسه وإن كان يحاج غيره فلا بد من خصم هو كالمقضي عليه من حيث إنه يلزمه الانقياد له ولا بد من قاض فيه وهو القلب بمنزلة القاضي في الخصومات ثم بعد اجتماع هذه المعاني يتمكن المشهود عليه من الدفع كما في الدعوى المشهود عليه يتمكن من الدفع بعد ظهور الحجة فإن تمام الإلزام إنما يتبين بالعجز عن الدفع وربما يخالفنا في بعض هذا الشافعي وغيره من العلماء أيضا .
فصل في تعليل الأصول .
قال فريق من العلماء الأصول غير معلولة في الأصل ما لم يقم الدليل على كونه معلولا في كل أصل .
وقال فريق آخر هي معلولة إلا بدليل مانع والأشبه بمذهب الشافعي C أنها معلولة في الأصل إلا أنه لا بد لجواز التعليل في كل أصل من دليل مميز والمذهب عند علمائنا أنه لا بد مع هذا من قيام دليل يدل على كونه معلولا في الحال وإنما يتبين هذا في مسألة