هذا الحكم فيما يترتب على العقد من الضمان جائزا كان أو فاسدا لأن الفاسد لا يمكن أن يجعل أصلا بنفسه ليعرف حكمه من عينه فلا بد من أن يرد حكمه إلى الجائز ثم ضمان العقد فاسدا كان أو جائزا يبتنى على التراضي لا على التساوي نصا والتراضي يتحقق مع انعدام المماثلة فلهذا كان مضمونا بالعقد فاسدا كان أو جائزا ووجوب الضمان يلزمه الخروج عنه بالأداء فيكون ذلك بحسب الإمكان يوضحه أن قوام الأعراض بالأعيان والعين يقوم بنفسه ولا مماثلة بين ما يقوم بنفسه وبين ما يقوم بغيره بل ما يقوم بنفسه أزيد في المعنى لا محالة ولكن هذه الزيادة يسقط اعتبارها في ضمان العقد لوجود التراضي فاسدا كان العقد أو جائزا ولا وجه لإسقاط اعتبار هذه الزيادة في ضمان العدوان لأن بظلم الغاصب لا تسقط حرمة ماله فلو أوجبنا عليه هذه الزيادة أهدرناها في حقه ولو لم نوجب الضمان لم يهدر حق المغصوب منه بل يتأخر إلى الآخرة وضرر التأخير دون ضرر الإهدار وإذا ألزمناه أداء الزيادة كان ذلك مضافا إلينا وإذا لم نوجب الضمان لتعذر إيجاب المثل صورة ومعنى لا يكون سقوط حق المغصوب منه في حق أحكام الدنيا مضافا إلينا بمنزلة من ضرب إنسانا ضربا لا أثر له أو شتمه شتيمة لا عقوبة بها في الدنيا .
وعلى هذا الأصل قال أبو حنيفة C إذا قطع يد إنسان عمدا ثم قتله عمدا قبل البرء يتخير الولي لأن القطع ثم القتل مثل الأول صورة ومعنى والقتل بدون القطع مثل معنى فالرأي إلى الولي في ذلك .
وقال أبو يوسف و محمد رحمهما الله القتل بعد القطع قبل البرء تحقيق لموجب الفعل الأول والقتل به من الولي يكون مثلا كاملا فلا يصار إلى القطع .
وقال أبو حنيفة C هذا باعتبار المعنى فأما من حيث الصورة المثل الأول هو القطع ثم القتل والقتل بعد القطع تارة يكون محققا لموجب الفعل الأول وتارة يكون ماحيا أثر الفعل الأول حتى إذا كان القاتل غير القاطع كان القصاص في النفس على الثاني خاصة فلا يسقط اعتبار المماثلة صورة بهذا المعنى .
فأما القضاء بمثل غير معقول فهو ضمان المحترم المتقوم الذي ليس بمال بما هو مال