طريق سوى أن نقول قد صار ذلك شريعة لنبينا لأحدهما والآخر نبي مرسل وهو مأمور باتباعه والعمل بشريعته ولا يجوز القول باجتماع نبيين في وقت واحد ومكان واحد على أن يكون لكل واحد منهما شريعة تخالف شريعة الآخر في وقت من الأوقات .
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ومعلوم أن الهدى في أصل الدين وأحكام الشرع جميعا .
فإن قيل المراد به الأمر بالاقتداء بهم في أصل الدين فإنه مبني على ما تقدم من قوله تعالى فلما جن عليه الليل إلى قوله وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم إلى قوله تعالى أولئك الذين هدى الله والدليل عليه أنه قد كان في المذكورين من لم يكن نبيا فإنه قال ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ومعلوم أن الأمر بالاقتداء في أحكام الشرع لا يكون في غير الأنبياء وإنما يكون ذلك في أصل الدين ولأنه قد كان في شرائعهم الناسخ والمنسوخ فالأمر باللاقتداء بهم في الأحكام على الإطلاق يكون آمرا بالعمل بشيئين مختلفين متضادين وذلك غير جائز .
قلنا في الآية تنصيص على الاقتداء بهداهم وذلك يعم أصل الدين وأحكام الشرع ألا ترى إلى قوله تعالى آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين أنه يدلنا على أن الهدى كل ما يجب الاتقاء فيه وما يكون المهتدي فيه متقيا وقال تعالى إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون والحكم إنما يكون بالشرائع ولما سئل مجاهد عن سجدة ص قال سجدها داود وهو ممن أمر نبيكم بأن يقتدي به وتلا قوله تعالى فبهداهم اقتده فبهذا تبين أن هذا أمر مبتدأ غير مبني على ما سبق فعمومه يتناول أصل الدين والشرائع جميعا .
وقوله فيها ناسخ ومنسوخ قلنا وفي شريعتنا أيضا ناسخ ومنسوخ ثم لم يمنع ذلك إطلاق القول بوجوب الاقتداء علينا برسول الله صلى الله .
وقوله قد كان فيهم من ليس بنبي لا كذلك فقد ألحق به من البيان ما يعلم به أن المراد الأنبياء وهو قوله تعالى واجتبيناهم وهديناهم