فكذلك بالفعل لا بالوقت لأنه ليس فيه أمر مجمل لاختصاص عقد الإحرام بالحج ببعض الأوقات دون البعض وما كان ذلك إلا نظير مباشرة الطهارة بالماء في الوقت فإن ذلك كان بيانا منه لأصل الطهارة المأمور بها في الكتاب ولم يكن بيانا في التخصيص في الوقت حتى تجوز الطهارة بالماء قبل دخول الوقت بلا خلاف .
فصل في بيان شرائع من قبلنا .
اختلف العلماء في هذا الفصل على أقاويل .
فمنهم من قال ما كان شريعة لنبي فهو باق أبدا حتى يقوم دليل النسخ فيه وكل من يأتي فعليه أن يعمل به على أنه شريعة ذلك النبي عليه السلام ما لم يظهر ناسخه .
وقال بعضهم شريعة كل نبي تنتهي ببعث نبي آخر بعده حتى لا يعمل به إلا أن يقوم الدليل على بقائه وذلك ببيان من النبي المبعوث بعده .
وقال بعضهم شرائع من قبلنا يلزمنا العمل به على أن ذلك شريعة لنبينا عليه السلام فيما لم يظهر دليل النسخ فيه ولا يفصلون بين ما يصير معلوما من شرائع من قبلنا بنقل أهل الكتاب أو برواية المسلمين عما في أيديهم من الكتاب وبين ما ثبت من ذلك ببيان في القرآن أو السنة .
وأصح الأقاويل عندنا أن ما ثبت بكتاب الله أنه كان شريعة من قبلنا أو ببيان من رسول الله A فإن علينا العمل به على أنه شريعة لنبينا عليه السلام ما لم يظهر ناسخه فأما ما علم بنقل دليل موجب للعلم على أنهم حرفوا الكتب فلا يعتبر نقلهم في ذلك لتوهم أن المنقول من جملة ما حرفوا ولا يعتبر فهم المسلمين ذلك مما في أيديهم من الكتب لجواز أن يكون ذلك من جملة ما غيروا وبدلوا .
والدليل على أن المذهب هذا أن محمدا قد استدل في كتاب الشرب على جواز القسمة بطريق المهايأة في الشرب بقوله تعالى ونبئهم أن الماء أهل الكتاب أو بفهم المسلمين