يحيط به إلا الله وتمام معنى التعظيم في حق من هو دونه أن لا يشتغل بمثل هذا التقسيم في حقه وإنما ذكرنا ذلك لدفع طعن المتعنتين .
ثم ما بينه بالرأي إذا أقر عليه كان صوابا لا محالة فيثبت به علم اليقين بخلاف ما يكون من غيره من البيان بالرأي وهو نظير الإلهام على ما أشرنا إليه في بيان الوحي الباطن وأنه حجة قاطعة في حقه وإن كان الإلهام في حق غيره لا يكون بهذه الصفة على ما نبينه في بابه .
والدليل على هذه القاعدة ما روي أن خولة Bها لما جاءت إليه تسأله عن ظهار زوجها منها قال ما أراك إلا قد حرمت عليه فقالت إني أشتكي إلى الله فأنزل الله تعالى قوله قد سمع الله قول التي تجادلك الآية فعرفنا أنه كان يفتي بالرأي في أحكام الشرع وكان لا يقر على الخطأ وهذا لأنا أمرنا باتباعه قال تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وحين بين بالرأي وأقر على ذلك كان اتباع ذلك فرضا علينا لا محالة فعرفنا أن ذلك هو الحق المتيقن به ومثل ذلك لا يوجد في حق الأمة فالمجتهد قد يخطىء ويقر على ذلك فلهذا لم يكن الرأي في حق غيره موجبا علم اليقين ولا صالحا لنصب الحكم به ابتداء بل لتعدية حكم النص إلى غير المنصوص عليه .
والدليل عليه أنه قد ثبت بالنص عمله بالرأي فيما لم يقر عليه وربما عوتب على ذلك وربما لم يعاتب .
فمما عوتب عليه ما وقعت الإشارة إليه في قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم وفي قوله تعالى عبس وتولى أن جاءه الأعمى ومما لم يعاتب عليه ما يروى أنه لما دخل بيته ووضع السلاح حين فرغ من حرب الأحزاب أتاه جبريل عليه السلام وقال وضعت السلاح ولم تضعه الملائكة .
وأمره بأن يذهب إلى بني قريظة .
ومن ذلك أنه أمر أبا بكر Bه بتبليغ سورة براءة إلى المشركين في العام الذي أمره فيه أن يحج بالناس فأتاه جبريل عليه السلام فقال لا يبلغها إليهم إلا رجل منك .
فبعث علي بن أبي طالب Bه في أثره ليكون هو المبلغ للسورة إليهم والقصة في ذلك معروفة فبهذا يتبين أنه كان يعمل برأيه وكان لا يقر إلا على ما هو الصواب ولهذا كان لا تجوز مخالفته في ذلك لأنه حين أقر عليه فقد حصل التيقن بكون الصواب فيه فلا يسع لأحد أن يخالفه في ذلك .
فأما قوله