وكذلك لا مماثلة بين دفع المال إلى من ينفق على نفسه في طريق الحج وبين مباشرة أداء الحج وسقوط الواجب عن المأمور باعتبار ذلك فأما أصل الأعمال يكون من الحاج دون المحجوج عنه فهو قضاء بمثل غير معقول وما يكون بهذه الصفة لا يتأتى تعدية الحكم فيه إلى الفروع فيقتصر على مورد النص ولهذا قلنا إن النقصان الذي يتمكن في الصلاة بترك الاعتدال في الأركان لا يضمن بشيء سوى الإثم لأنه ليس لذلك الوصف منفردا عن الأصل مثل صورة ولا معنى ولذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله فيمن له مائتا درهم جياد فأدى زكاتها خمسة زيوفا لا يلزمه شيء آخر لأنه ليس لصفة الجودة التي تحقق فيها الفوات مثل صورة ولا معنى من حيث القيمة فإنها لا تتقوم شرعا عند المقابلة بجنسها .
وقال محمد C يلزمه أداء الفضل احتياطا لأن سقوط قيمة الجودة في حكم الربا للحاجة إلى جعل الأموال أمثالا متساوية قطعا ومعنى الربا لا يتحقق فيما وجب عليه أداؤه لله تعالى بمثله في صفة المالية حقيقة ويقوم مقامه في أداء الواجب به احتياطا وعلى هذا نقول رمي الجمار يسقط بمضي الوقت لأنه ليس له مثل معقول صورة ولا معنى فإنه لم يشرع قربة للعبد في غير ذلك الوقت .
فإن قيل كيف يستقيم وقد أوجبتم الدم عليه باعتبار ترك رمي الجمار قلنا إيجاب الدم عليه لا بطريق أنه مثل للرمي قائم مقامه بل لأنه جبر لنقصان تمكن في نسكه بترك الرمي وجبر نقصان النسك بالدم معلوم بالنص قال الله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .
فإن قيل فقد جعلتم الفدية مشروعة مكان الصلاة بالقياس على الصوم ولو كان ذلك غير معقول المعنى لم يجز تعدية حكمه إلى الصلاة بالرأي قلنا لا نعدي ذلك الحكم