والاستثناء الموصول ليس بكلام آخر فإنه غير مستقل بنفسه فأما إذا سكت فقد تم الكلام موجبا لحكمه ثم الاستثناء بعد ذلك يكون نسخا بطريق رفع الحكم الثابت فلا يكون بيانا مغيرا وأما الشرط فهو مبدل باعتبار أنه يمتنع الوصول إلى المحل وهو العبد في كلمة الإعتاق ويجعل محله الذمة وإنما يتحقق هذا إذا كان موصولا فأما المفصول يكون رفعا عن المحل يعتبر هذا في المحسوسات فإن تعليق القنديل بالحبل في الابتداء يكون مانعا من الوصول إلى مقره من الأرض مبينا أن إزالة اليد عنه لم يكن كسرا فأما بعد ما وصل إلى مقره من الأرض تعليقه بالقنديل يكون رفعا عن محله .
فتبين بهذا أن الشرط إذا كان مفصولا فإنه يكون رفعا للحكم عن محله بمنزلة النسخ وهو لا يملك رفع الطلاق والعتاق عن المحل بعدما استقر فيه فلهذا لا يعمل الاستثناء والشرط مفصولا .
وعلى هذا قلنا إذا قال لفلان علي ألف درهم وديعة فإنه يصدق موصولا ولا يصدق إذا قاله مفصولا لأن قوله وديعة بيان فيه تغيير أو تبديل فإن مقتضى قوله علي ألف درهم الإخبار بوجوب الألف في ذمته وقوله وديعة فيه بيان أن الواجب في ذمته حفظها وإمساكها إلى أن يؤديها إلى صاحبها لا أصل المال فإما أن يكون تبديلا للمحل الذي أخبر بصدر الكلام أنه التزمه لصاحبه أو تغييرا لما اقتضاه أول الكلام لأنه لازم عليه للمقر له من أصل المال إلى الحفظ فإذا كان موصولا كان بيانا صحيحا وإذا كان مفصولا كان نسخا فيكون بمنزلة الرجوع عما أقر به .
وعلى هذا لو قال لغيره أقرضتني عشرة دراهم أو اسلفتني أو أسلمت إلي أو أعطيتني إلا أني لم أقبض فإن قال ذلك مفصولا لم يصدق وإن قال موصولا صدق استحسانا لأن هذا بيان تغيير فإن حقيقة هذه الألفاظ تقتضي تسليم المال إليه ولا يكون ذلك إلا بقبضه إلا أنه يحتمل أن يكون المراد به العقد مجازا فقد تستعمل هذه الألفاظ للعقد فكان قوله لم أقبض تغييرا للكلام عن الحقيقة إلى المجاز فيصح موصولا ولا يصح مفصولا .
وإذا قال دفعت إلي ألف درهم أو نقدتني إلا أني لم أقبض فكذلك الجواب عند محمد لأن الدفع والنقد والإعطاء