فهو زيادة على النص وهو يعدل النسخ عندنا فلا يكون بيانا محضا .
فأما قصر حكم تنفيذ الوصية على الثلث وجوبا قبل الميراث فيحتمل أن السنة المبينة له كانت قبل نزول آية الميراث فيكون ذلك بيانا مقارنا لما نزل في حقنا باعتبار المعنى فإنه لما سبق علمنا بما نزل كان من ضرورته أن يكون مقارنا له .
فأما البيان المتأخر في الأزمان فهو نسخ ونحن لا ندعي إلا هذا فإنا نقول إنما يكون دليل الخصوص بيانا محضا إذا كان متصلا بالعام فأما إذا كان متأخرا عنه يكون نسخا .
فتبين أن ما استدل به من الحجة هو لنا عليه .
وسنقرره في باب النسخ إن شاء الله تعالى .
فصل في بيان التغيير والتبديل .
أما بيان التغيير هو الاستثناء كما قال تعالى فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فإن الألف اسم موضوع لعدد معلوم فما يكون دون ذلك العدد يكون غيره لا محالة فلولا الاستثناء لكان العلم يقع لنا بأنه لبث فيهم ألف سنة ومع الاستثناء إنما يقع العلم لنا بأنه لبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما فيكون هذا تغييرا لما كان مقتضى مطلق تسمية الألف .
وبيان التبديل هو التعليق بالشرط كما قال الله تعالى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن فإنه يتبين به أنه لا يجب إيتاء الأجر بعد العقد إذا لم يوجد الإرضاع وإنما يجب ابتداء عند وجود الإرضاع فيكون تبديلا لحكم وجوب أداء البدل بنفس العقد .
وإنما سمينا كل واحد منهما بهذا الاسم لما ظهر من أثر كل واحد منهما فإن حد البيان غير حد النسخ لأن البيان إظهار حكم الحادثة عند وجوده ابتداء والنسخ رفع للحكم بعد الثبوت وعند وجود الشرط يثبت الحكم ابتداء ولكن بكلام كان سابقا على وجود الشرط تكلما به إلا أنه لم يكن موجبا حكمه إلا عند وجود الشرط فكان بيانا من حيث إن الحكم ثبت عند وجوده ابتداء ولم يكن نسخا صورة من حيث إن النسخ هو رفع الحكم بعد ثبوته في محله فكان تبديلا من حيث إن مقتضى قوله لعبده أنت حر نزول العتق