به شرعا ما لم يتبين وجه الخطأ فيه فإثبات الخيار بينهما في حكم العمل إذا رجح أحدهما بنوع فراسة يكون إثبات الحكم بدليل شرعي ثم إذا عمل بأحدهما صح ذلك بالإجماع فلا يكون له أن ينقض ما نفذ من القضاء منه بالإجماع ولا يصير إلى العمل بالآخر إلا بدليل هو أقوى من الأول .
فإن قيل لو ثبت الخيار له في العمل بالقياسين لكان يبقى خياره بعدما عمل بأحدهما في حادثة حتى يكون له أن يعمل بالآخر في حادثة أخرى كما في كفارة اليمين فإنه لو عين أحد الأنواع في تكفير يمين به يبقى خياره في تعيين نوع آخر في كفارة يمين أخرى .
قلنا هناك التخيير ثبت على أن كل واحد من الأنواع صالح للتكفير به بدليل موجب للعلم وهنا الخيار ما ثبت بمثل هذا الدليل بل باعتبار أن كل واحد منهما صالح للعمل به ظاهرا مع علمنا بأن الحق أحدهما والآخر خطأ فبعد ما تأيد أحدهما بنفوذ القضاء به لا يكون له أن يصير إلى الآخر إلا بدليل هو أقوى من الأول وهذا لأن جهة الصواب تترجح بعمله فيما عمل به ومن ضرورته ترجح جانب الخطأ في الآخر ظاهرا فما لم يرتفع ذلك بدليل سوى ما كان موجودا عند العمل بأحدهما لا يكون له أن يصير إلى العمل بالآخر .
والحاصل أن فيما ليس فيه احتمال الانتقال من محل إلى محل إذا تعين المحل بعمله لا يبقى له خيار بعد ذلك كالنجاسة في الثوب فإنها لا تحتمل الانتقال من ثوب إلى ثوب فإذا تعين بصلاته في أحد الثوبين صفة الطهارة فيه والنجاسة في الآخر لا يبقى له رأي في الصلاة في الثوب الآخر ما لم يثبت طهارته بدليل موجب للعلم .
وفي باب القبلة فرض التوجه يحتمل الانتقال ألا ترى أنه انتقل من بيت المقدس إلى الكعبة ومن عين الكعبة إلى الجهة إذا بعد من مكة ومن جهة الكعبة إلى سائر الجهات إذا كان راكبا فإنه يصلي حيثما توجهت به راحلته فبعد ما صلى بالتحري إلى جهة إذا تحول رأيه ينتقل فرض التوجه إلى تلك الجهة أيضا لأن الشرط أن يكون مبتلى في التوجه عند القيام إلى الصلاة وإنما يتحقق هذا إذا صلى إلى الجهة التي وقع عليها تحريه .
وكذلك حكم العمل بالقياس في المجتهدات فإن القضاء الذي نفذ بالقياس في محل لا يحتمل الانتقال إلى محل آخر فيلزم ذلك .
فأما