والرجل يحرم عن أبويه فيصح وإن لم توجد العزيمة منهما .
ولكنا نقول الواجب عليه أداء ما هو عبادة والمؤدى يكون عبادة وقد بينا أن هذا الوصف لا يتحقق بدون اختيار يكون منه بالعزم على الأداء وإعراضه عن أداء الفرض بالعزم على أداء النفل يكون أبلغ من إعراضه عن أداء الفرض بترك أصل العزيمة وفي إثبات الحجر بالطريق الذي قاله انتفاء اختياره وجعله مجبورا فيه وهذا ينافي أداء العبادة فيعود هذا القول على موضوعه بالنقض وأما الإحرام فعندنا شرط الأداء بمنزلة الطهارة للصلاة ولهذا جوزنا تقديمه على وقت الحج أو أقمنا هناك دلالة الاستعانة مقام حقيقة الاستعانة عند الحاجة استحسانا فيصير العزم به على أداء الفرض موجودا حكما وهذا المعنى ينعدم عند العزم على النفل .
ومن حكمه أنه يتأدى بمطلق نية الحج لا باعتبار أنه يسقط اشتراط نية التعين فيه فإن الوقت لما كان قابلا لأداء الفرض والنفل فيه لا بد من تعيين الفرض ليصير مؤدى ولكن هذا التعيين ثبت بدلالة الحال فإن الإنسان في العادة لا يتحمل المشقة العظيمة ثم يشتغل بأداء حجة أخرى قبل أداء حجة الإسلام ودلالة العرف يحصل التعيين بها ولكن إذا لم يصرح بغيرها فأما مع التصريح يسقط اعتبار العرف كمن اشترى بدراهم مطلقة يتعين نقد البلد بدلالة العرف فإن صرح باشتراط نقد آخر عند الشراء سقط اعتبار ذلك العرف وينعقد العقد بما صرح به .
فصل في بيان حكم الواجب بالأمر .
وذلك نوعان أداء وقضاء .
فالأداء تسليم عين الواجب بسببه إلى مستحقه قال الله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال عليه السلام أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك والقضاء إسقاط الواجب بمثل من عند المأمور هو حقه قال عليه السلام خيركم أحسنكم قضاء .
وقال رحم الله امرأ سهل البيع والشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء ويتبين هذا في المغصوب رد الغاصب عينه تسليم نفس الواجب عليه بالغصب ورد المثل بعد هلاك العين إسقاط الواجب بمثل من عنده فيسمى الأول أداء والثاني قضاء لحقه وقد يدخل النفل في قسم الأداء على قول من يقول مقتضى الأمر الندب أو الإباحة لأنه يسلم عين ما ندب إلى تسليمه ولا يدخل في قسم القضاء لأنه إسقاط الواجب بمثل من عنده ولا وجوب هناك وقد تستعمل عبارة القضاء في الأداء مجازا لما فيه من إسقاط الواجب قال الله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقال تعالى فإذا قضيت الصلاة وقد