فأما المشكل والمشترك لا يجوز فيهما النقل بالمعنى أصلا لأن المراد بهما لا يعرف إلا بالتأويل والتأويل يكون بنوع من الرأي كالقياس فلا يكون حجة على غيره .
وأما المجمل فلا يتصور فيه النقل بالمعنى لأنه لا يوقف على المعنى فيه إلا بدليل آخر والمتشابه كذلك لأنا ابتلينا بالكف عن طلب المعنى فيه فكيف يتصور نقله بالمعنى .
وأما ما يكون من جوامع الكلم كقوله عليه السلام الخراج بالضمان وقوله عليه السلام العجماء جبار وما أشبه ذلك فقد جوز بعض مشايخنا نقله بالمعنى على الشرط الذي ذكرنا في الظاهر .
قال Bه والأصح عندي أنه لا يجوز ذلك لأن النبي عليه السلام كان مخصوصا بهذا النظم على ما روي أنه قال أوتيت جوامع الكلم أي خصصت بذلك فلا يقدر أحد بعده على ما كان هو مخصوصا به ولكن كل مكلف بما في وسعه وفي وسعه نقل ذلك اللفظ ليكون مؤديا إلى غيره ما سمعه منه بيقين وإذا نقله إلى عبارته لم يؤمن القصور في المعنى المطلوب به ويتيقن بالقصور في النظم الذي هو من جوامع الكلم وكان هذا النوع هو مراد رسول الله A بقوله ثم أداها كما سمعها .
فصل في بيان الضبط بالكتابة والخط .
قال Bه اعلم بأن الكتابة نوعان تذكرة وإمام .
فالتذكرة هو أن ينظر في المكتوب فيتذكر به ما كان مسموعا له والنقل بهذا الطريق جائز سواء كان مكتوبا بخطه أو بخط غيره وذلك الخط معروف أو مجهول لأنه إنما ينقل ما يحفظ غير أن النظر في الكتاب كان مذكرا له فلا يكون دون التفكر ولو تفكر فتذكر جاز له أن يروي ويكون خبره حجة فكذلك إذا نظر في الكتاب فتذكر ولهذا المقصود ندب إلى الكتاب على ما جاء في الحديث قيدوا العلم بالكتاب وقال إبراهيم كانوا يأخذون العلم حفظا ثم أبيح لهم الكتابة لما حدث بهم من الكسل ولأن النسيان مركب في الإنسان لا يمكنه أن يحفظ نفسه منه إلا ما كان خاصا لرسول الله عليه السلام بقوله سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء