حجة موجبة للعلم قطعا فإذا علم الساكت هذا يفترض عليه بيان ما عنده ليتحقق الخلاف ويخرج ما اشتهر من أن يكون حكم الحادثة قطعا والسكوت إن لم يدل على الموافقة فلا إشكال أنه لا يدل على الخلاف .
ومن هذا الجنس ما إذا اختلفوا في حادثة على أقاويل محصورة فإن المذهب عندنا أن هذا يكون دليل الإجماع منهم على أنه لا قول في هذه الحادثة سوى هذه الأقاويل حتى ليس لأحد أن يحدث فيه قولا آخر برأيه .
وعند بعضهم هذا من باب السكوت الذي هو محتمل أيضا فكما لا يدل على نفي الخلاف لا يدل على نفي قول آخر في الحادثة فإن ذلك نوع تعيين ولا يثبت بالمحتمل .
ولكنا نقول قد بينا أنهم إذا اختلفوا على أقاويل فنحن نعلم أن الحق لا يعدو أقاويلهم وهذا بمنزلة التنصيص منهم على أن ما هو الحق حقيقة في هذه الأقاويل وماذا بعد الحق إلا الضلال .
وكذلك هذا الحكم في اختلاف بين أهل كل عصر إلا على قول بعض مشايخنا فإنهم يقولون هذا في أقاويل الصحابة خاصة لما لهم من الفضل والسابقة ولكن المعنى الذي أشرنا إليه يوجب المساواة وعلى هذا قالوا فيما ظهر من بعض الخلفاء عن الصحابة أنه قال في خطبته على المنبر ولم يظهر من أحد منهم خلاف لذلك فإن ذلك إجماع منهم بهذا الطريق .
وقد قال بعض من لا يعبأ بقوله الإجماع الموجب للعلم قطعا لا يكون إلا في مثل ما اتفق عليه الناس من موضع الكعبة وموضع الصفا والمروة وما أشبه ذلك وهذا ضعيف جدا فإنه يقال لهذا القائل بأي طريق عرفت إجماع المسلمين على هذا بطريق سماعك نصا من كل واحد من آحادهم فإن قال نعم ظهر للناس كذبه وإن قال لا ولكن بتنصيص البعض وسكوت الباقين عن إظهار الخلاف فنقول كما ثبت بهذا الطريق الإجماع منهم على هذه الأشياء التي لا يشك فيها أحد فكذلك ثبت الإجماع منهم بهذا الطريق في الأحكام الشرعية .
فصل الأهلية .
زعم بعض الناس أن الإجماع الموجب للعلم لا يكون إلا باتفاق فرق الأمة أهل الحق وأهل الضلالة جميعا لأن الحجة إجماع الأمة ومطلق اسم الأمة يتناول الكل