المعنى بدون النظم غير معجز فالأدلة على كون المعنى معجزا ظاهرة منها أن المعجز كلام الله ( وكلام الله تعالى ) غير محدث ولا مخلوق والألسنة كلها محدثة العربية والفارسية وغيرهما فمن يقول الإعجاز لا يتحقق إلا بالنظم فهو لا يجد بدا من أن يقول بأن المعجز محدث وهذا مما لا يجوز القول به والثاني أن النبي عليه السلام بعث إلى الناس كافة ( وآية نبوته القرآن الذي هو معجز فلا بد من القول بأنه حجة له على الناس كافة ) ومعلوم أن عجز العجمي عن الإتيان بمثل القرآن بلغة العرب لا يكون حجة عليه فإنه يعجز أيضا عن الإتيان بمثل شعر امرىء القيس وغيره بلغة العرب وإنما يتحقق عجزه عن الإتيان بمثل القرآن بلغته فهذا دليل واضح على أن معنى الإعجاز في المعنى تام ولهذا جوز أبو حنيفة C القراءة بالفارسية في الصلاة ولكنهما قالا في حق من لا يقدر على القراءة بالعربية الجواب هكذا وهو دليل على أن المعنى عندهما معجز فإن فرض القراءة ساقط عمن لا يقدر على قراءة المعجز أصلا ولم يسقط عنه الفرض أصلا بل يتأدى بالقراءة بالفارسية فأما إذا كان قادرا على القراءة بالعربية لم يتأد الفرض في حقه بالقراءة بالفارسية عندهما لا لأنه غير معجز ولكن لأن متابعة رسول الله A والسلف في أداء هذا الركن فرض في حق من يقدر عليه وهذه المتابعة في القراءة بالعربية إلا أن أبا حنيفة اعتبر هذا في كراهة القراءة بالفارسية فأما في تأدي أصل الركن بقراءة القرآن فإنه اعتبر ما قررناه .
فصل في بيان حد المتواتر .
من الأخبار وموجبها المتواتر ما اتصل بنا عن رسول الله A بالنقل المتواتر .
مأخوذ من قول القائل تواترت الكتب إذا اتصلت بعضها ببعض في الورود متتابعا وحد ذلك أن ينقله قوم لا يتوهم اجتماعهم وتواطؤهم على الكذب لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم عن قوم مثلهم هكذا إلى أن يتصل برسول الله A فيكون أوله كآخره وأوسطه كطرفيه وذلك نحو نقل أعداد الركعات وأعداد الصلوات