فاقطعوا أيديهما والمراد قطع يد واحدة من كل واحد منهما لا قطع جميع ما يسمى يدا من كل واحد منهما لاتفاقنا على أن بالسرقة الواحدة لا تقطع إلا يد واحدة من السارق وقد بينا أن مطلق الكلام محمول على ما يتفاهمه الناس في مخاطباتهم فهو اعتبار الصيغة بدون الإضافة والمنصوص عليه الصيغة مع الإضافة إلى الجماعة ومع الإضافة إلى الجماعة موجب الصيغة حقيقة ليس ما ادعوا بل موجبه ما قلنا لأن ما ادعوا يثبت بدون الإضافة إلى الجماعة ( وما قلنا لا يثبت بدون الإضافة إلى الجماعة ) فعرفنا أن حقيقة العمل بالمنصوص فيما قلنا وفيما قالوا ترك العمل بالدليل المنصوص وعمل بالمسكوت فيكون فاسدا .
هذا بيان الطريق فيما هو فاسد من وجوه العمل بالمنصوص كما ذهب إليه بعض الناس وقد بينا الطريق الصحيح من ذلك في أول الباب فمن فهم الطريقين يتيسر عليه تمييز الصحيح من الاستدلال بجميع النصوص والفاسد وإن خفي عليه شيء فهو يخرج بالتأمل على ما بينا من كل طريق والله أعلم .
باب بيان الحجة الشرعية وأحكامها .
قال Bه اعلم بأن الحجة لغة اسم من قول القائل حج أي غلب ومنه يقال لج فحج ويقول الرجل حاججته فحججته أي ألزمته بالحجة فصار مغلوبا ثم سميت الحجة في الشريعة لأنه يلزمنا حق الله تعالى بها على وجه ينقطع بها العذر ويجوز أن يكون مأخوذا من معنى الرجوع إليه كما قال القائل يحجون بيت الزبرقان المزعفرا أي يرجعون إليه ومنه حج البيت فإن الناس يرجعون إليه معظمين له قال تعالى وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا والمثابة المرجع فسميت الحجة لوجوب الرجوع إليها من حيث العمل بها شرعا ويستوي إن الرجوع إليها بالعمل بها واجب شرعا في الوجهين على ما نبينه في باب خبر الواحد والقياس إن شاء الله تعالى .
والبينة كالحجة فإنها مشتقة من البيان وهو أن يظهر للقلب وجه الإلزام بها سواء كان ظهورا موجبا للعلم أو دون ذلك لأن العمل يجب في الوجهين ومنه قوله تعالى فيه آيات بينات أي علامات ظاهرات كانت موجبة