وهي التوكيد .
ولكنا نقول الباء للإلصاق باعتبار أصل الوضع فإذا قرنت بآلة المسح يتعدى الفعل بها إلى محل المسح فيتناول جميعه كما يقول الرجل مسحت الحائط بيدي ومسحت رأس اليتيم بيدي فيتناول كله وإذا قرنت بمحل المسح يتعدى الفعل بها إلى الآلة فلا تقتضي الاستيعاب وإنما تقتضي إلصاق الآلة بالمحل وذلك لا يستوعب الكل عادة ثم أكثر الآلة ينزل منزلة الكمال فيتأدى المسح بإلصاق ثلاثة أصابع بمحل المسح ومعنى التبعيض إنما يثبت بهذا الطريق لا بحرف الباء .
فإن قيل أليس أن في التيمم حكم المسح ثبت بقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ثم الاستيعاب فيه شرط قلنا أما على رواية الحسن عن أبي حنيفة C فإنه لا يشترط فيه الاستيعاب لهذا المعنى وأما على ظاهر الرواية فإنما عرفنا الاستيعاب هناك إما بإشارة الكتاب وهو أن الله تعالى أقام التيمم في هذين العضوين مقام الغسل عند تعذر الغسل والاستيعاب في الغسل فرض بالنص فكذلك فيما قام مقامه أو عرفنا ذلك بالسنة وهو قوله عليه السلام لعمار Bه يكفيك ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين .
ومن هذا الفصل حروف القسم والأصل فيها باعتبار الوضع الباء حتى يستقيم استعمالها مع إظهار الفعل ومع إضماره فإن الباء للإلصاق وهي تدل على محذوف كما بينا وقول الرجل بالله بمعنى أقسم ( أو أحلف ) بالله كما قال تعالى يحلفون بالله ما قالوا وكذلك يستقيم وصلها بسائر الأسماء والصفات وبغير الله إذا حلف به مع التصريح بالاسم أو الكناية عنه بأن يقول بأبي أو بك لأفعلن أو به لأفعلن فيصح استعماله في جميع هذه الوجوه لمقصود القسم باعتبار أصل الوضع .
ثم قد تستعار الواو مكان الباء في صلة القسم لما بينهما من المناسبة صورة ومعنى .
أما الصورة فلأن خروج كل واحد منهما من المخرج الصحيح بضم الشفتين وأما المعنى فلأن في العطف إلصاق المعطوف بالمعطوف عليه وحرف الباء للإلصاق إلا أن الواو تستعمل في المضمر ( دون المظهر لا يقال أحلف والله لأنه يشبه قسمين