فإن قيل أهل النحو لا يعرفون هذا فإنهم لا يقولون رأيت زيدا حتى عمرا باعتبار العطف قلنا قد بينا أن في الاستعارات لا يعتبر السماع وإنما يعتبر المعنى الصالح للاستعارة وما أشرنا إليه من المناسبة معنى صالح لذلك فهي استعارة بديعة بنى علماؤنا رحمهم الله جواب المسألة عليها مع أن قول محمد C حجة في اللغة فإن أبا عبيد وغيره احتج بقوله وذكر ابن السراج أن المبرد سئل عن معنى الغزالة فقال هي الشمس قاله محمد بن الحسن C وكان فصيحا فإنه قال لخادم له يوما انظر هل دلكت الغزالة فخرج ثم دخل فقال لم أر الغزالة .
وإنما أراد محمد هل زالت الشمس فعلى هذا يجوز أن يقول الرجل رأيت زيدا حتى عمرا بمعنى العطف إلا أن الأولى أن يجعل هذا بمعنى الفاء دون الواو لأن كل واحد منهما للعطف ولكن في الفاء معنى التعقيب فهو أقرب إلى معنى المناسبة كما بينا .
فصل وأما إلى فهي لانتهاء الغاية .
ولهذا تستعمل الكلمة في الآجال والديون قال تعالى إلى أجل مسمى وعلى هذا لو قال لامرأته أنت طالق إلى شهر فإن نوى التنجيز في الحال تطلق ويلغو آخر كلامه وإن نوى التأخير يتأخر الوقوع إلى مضي الشهر وإن لم يكن له نية فعلى قول زفر C يقع في الحال لأن تأخير الشيء لا يمنع ثبوت أصله ( فيكون بمنزلة التأجيل في الدين لا يمنع ثبوت أصله ) وعندنا لا يقع لأن الكلمة للتأخير فيما يقرن به باعتبار أصل الوضع وقد قرنها بأصل الطلاق وأصلها يحتمل التأخير في التعليق بمضي شهر أو بالإضافة إلى ما بعد شهر فأما أصل اليمين لا يحتمل التأخير في التعليق والإضافة فلهذا حملنا الكلمة هناك على تأخير المطالبة .
ثم من الغايات بهذه الكلمة ما لا يدخل كقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ومنها ما يدخل كقوله وأيديكم إلى المرافق والحاصل فيه أن ما يكون من الغايات قائما بنفسه فإنه لا يدخل لأنه حد ولا يدخل الحد في المحدود ولهذا لو قال لفلان من هذا الحائط إلى هذا كان أصل الكلام متناولا للغاية كان ذكر الغاية لإخراج ما وراءها فيبقى موضع الغاية داخلا كما في قوله تعالى وأيديكم إلى المرافق الحائط لا يدخل الحائطان في الإقرار