جعلناه هكذا لأنه يتعذر اعتبار معنى التخيير من الأمر شيء أو يتوب عليهم فإنه لا يمكن حمل الكلمة على العطف إذ الفعل لا يعطف على الاسم والمستقبل لا يعطف على الماضي ونفي الأمر يحتمل الامتداد فيجعل قوله أو يتوب بمعنى الغاية ولأنه نفي الدخول في الدار الأولى فإذا دخل فيها أولا يجعل كأن المذكور آخرا من جنسه نفي فيحنث بالدخول فيها لهذا وأثبت الدخول في الدار الثانية فإذا دخلها أولا يجعل كأن الأخير من جنسه إثبات كما في قوله لأدخلن هذه الدار أو لأدخلن هذه الدار .
فصل وأما حتى فهي للغاية .
باعتبار أصل الوضع بمنزلة إلى هو المعنى الخاص الذي لأجله وضعت الكلمة قال تعالى هي حتى مطلع الفجر وقال تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وقال تعالى حتى يأذن لي أبي وقال تعالى حتى يأتيك اليقين فمتى كان ما قبلها بحيث يحتمل الامتداد وما بعدها يصلح للانتهاء به كانت عاملة في حقيقة الغاية ولهذا قلنا إذا حلف أن يلازم غريمه حتى يقضيه ثم فارقه قبل أن يقضيه دينه حنث لأن الملازمة تحتمل الامتداد وقضاء الدين يصلح منهيا للملازمة .
وقال في الزيادات لو قال عبده حر إن لم أضربك حتى تشتكي يدي أو حتى الليل أو حتى تصبح أو حتى يشفع فلان ثم ترك ضربه قبل هذه الأشياء حنث لأن الضرب بطريق التكرار يحتمل الامتداد والمذكور بعد الكلمة صالح للانتهاء فيجعل غاية حقيقة وإذا أقلع عن الضرب قبل الغاية حنث إلا في موضع يغلب على الحقيقة عرف فيعتبر ذلك لأن الثابت بالعرف ظاهرا بمنزلة الحقيقة حتى لو قال إن لم أضربك حتى أقتلك أو حتى تموت فهذا على الضرب الشديد باعتبار العرف فإنه متى كان قصده القتل لا يذكر لفظ الضرب وإنما يذكر ذلك إذا لم يكن قصده القتل وجعل القتل