قال ابن مسعود Bه من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد سورة النساء الطولى يعني قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن نزلت بعد قوله تعالى يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فاستدل بهذا العام على أن عدتها بوضع الحمل لا غير وجعل الخاص في عدة المتوفى عنها زوجها منسوخا بهذا العام في حق الحامل .
واحتج ابن عمر على ابن الزبير في التحريم بالمصة والمصتين بقوله تعالى وأخواتكم من الرضاعة واحتج ابن عباس على الصحابة Bهم في الصرف بعموم قوله A لا ربا إلا في النسيئة واحتجوا عليه بالعموم الموجب لحرمة الربا من الكتاب والسنة فرجع إلى قولهم .
فبهذا تبين أنهم اعتقدوا وجوب العمل بالعام وإجراءه على عمومه .
ولا معنى لقول من يقول إنهم عرفوا ذلك بدليل آخر من حال شاهدوه أو ببيان سمعوه لأن المنقول احتجاج بعضهم على بعض بصيغة العموم فقط وفي القول بما قال هذا القائل تعطيل المنقول والإحالة على سبب آخر لم يعرف .
ثم لزوم العمل بالمنزل حكم ثابت إلى يوم القيامة فلو كان ذلك في حقهم باعتبار دليل آخر ما وسعهم ترك النقل فيه ولو نقلوا ذلك لظهر وانتشر .
يؤيد ما قلنا حديث أبي بكر Bه حين بلغه اختلاف الصحابة في نقل الأخبار جمعهم فقال إنكم إذا اختلفتم فمن بعدكم يكون أشد اختلافا الحديث إلى أن قال فيكم كتاب الله تعالى فأحلوا حلاله وحرموا حرامه .
ولم يخالف أحد منهم في ذلك فعرفنا أنهم عرفوا المراد بعين ما هو المنقول إلينا لا بدليل آخر غير منقول إلينا .
ثم العموم معنى مقصود من الكلام عام بمنزلة الخصوص فلا بد أن يكون له لفظ موضوع يعرف المقصود بذلك اللفظ لأن الألفاظ لا تقصر عن المعاني وبيان هذا أن المتكلم باللفظ الخاص له في ذلك مراد لا يحصل باللفظ العام وهو تخصيص الفرد بشيء فكان لتحصيل مراده لفظ موضوع وهو الخاص والمتكلم باللفظ العام بمعنى العام له مراد في العموم لا يحصل ذلك باللفظ الخاص ولا يتيسر عليه التنصيص على كل فرد بما هو مراد باللفظ فإن من أراد عتق جميع عبيده فإنما يتمكن من تحصيل هذا المقصود بقوله عبيدي أحرار وهذا لفظ عام فمن جعل موجبه الوقف فإنه يشق على المتكلم بأن يحصل مقصوده في العموم باستعمال صيغته وما قالوا إنه قد استعمل العام بمعنى الخاص قلنا ويستعمل أيضا بمعنى الإحاطة على وجه لا يحتمل غيره قال تعالى إن الله بكل شيء عليم وقال تعالى إن الله العام فلا بد من أن يكون