فصل في بيان العزيمة والرخصة .
قال C العزيمة في أحكام الشرع ما هو مشروع منها ابتداء من غير أن يكون متصلا بعارض .
سميت عزيمة لأنها من حيث كونها أصلا مشروعا في نهاية من الوكادة والقوة حقا لله تعالى علينا بحكم أنه إلهنا ونحن عبيده وله الأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وعلينا الإسلام والانقياد .
والرخصة ما كان بناء على عذر يكون للعباد وهو ما استبيح للعذر مع بقاء الدليل المحرم وللتفاوت فيما هو أعذار العباد يتفاوت حكم ما هو رخصة .
والاسمان من حيث اللغة يدلان على ما ذكرنا لأن العزم في اللغة هو القصد المؤكد قال الله تعالى فنسي ولم نجد له عزما أي قصدا متأكدا في العصيان وقال تعالى فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ومنه جعل العزم يمينا حتى إذا قال القائل أعزم كان حالفا لأن العباد إنما يؤكدون قصدهم باليمين .
والرخصة في اللغة عبارة عن اليسر والسهولة يقال رخص السعر إذا تيسرت الإصابة لكثرة وجود الأشكال وقلة الرغائب فيها وفي عرف اللسان تستعمل الرخصة في الإباحة على طريق التيسير يقول الرجل لغيره رخصت لك في كذا أي أبحته لك تيسيرا عليك وقد بينا ما هو العزيمة في الفصل المتقدم فإن النوافل لكونها مشروعة ابتداء عزيمة ولهذا لا تحتمل التغيير بعذر يكون للعباد حتى لا تصير مشروعة .
وزعم بعض أصحابنا أنها ليست بعزيمة لأنها شرعت جبرا للنقصان في أداء ما هو عزيمة من الفرائض أو قطعا لطمع الشيطان في منع العباد من أداء الفرائض من حيث إنهم لما رغبوا في أداء النوافل مع أنها ليست عليهم فذلك دليل رغبتهم في أداء الفرائض بطريق الأولى والأول أوجه فهذا الذي قالوا مقصود الأداء فأما النوافل فمشروع ابتداء مستدام لا يحتمل التغير بعارض يكون من العباد .
وأما الرخصة قسمان أحدهما حقيقة والآخر مجاز فالحقيقة نوعان أحدهما أحق من الآخر والمجاز نوعان أيضا أحدهما أتم من الآخر في كونه مجازا