وأوْلَى أنْ لا يَشُكَّ عالمٌ في لزومها وأنْ يعْلم أنَّ أحكامَ اللهِ ثمَّ أحكامَ رسولِه لا تختلف وأنها تجري على مثال واحد .
قال الله - تبارك وتعالى - : " لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ( 29 ) " [ النساء ] .
وقال : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ( 275 ) " [ البقرة ] .
ونَهَى رسولُ الله عَن بُيُوعٍ تَرَاضَى بِها المُتَبَايِعان [ ص 174 ] فحُرِّمتْ مثلُِ الذَّهَبِ بِالذهبِ إلا مِثْلاً بِمِثلٍ ومثلُِ الذهب بالوَرِق وأحدُهُما نَقْدٌ والآخر نَسِيَّةٌ ( 1 ) وما كان في معنى هذا مما ليس في التَّبَايعِ به مُخَاطَرَة ولا أمرٌ يَجْهَلُه البائِع ولا المُشْتَرِي .
فدلتْ السنةُ على أنَّ الله - جل ثناؤه - أرادَ بإحْلالِ البَيْعِ ما لم يُحَرِّمْ مِنْهُ دون ما حَرَّمَ على لسان نَبِيِّه .
ثم كانت لرسول الله فِي بيوعٍ سِوَى هذا سُنَنًا ( 2 ) مِنْها : [ ص 175 ] العبدُ يُباعُ وقد دلَّسَ البائعُ المُشْتَرِيَ بِعَيْبٍ فَلِلْمُشترِي ردُّه وله الخَراجُ بِضَمَانِهِ . ومنها : أنَّ مَن باع عبْداً وله مال فمالُهُ للبائِعِ إلا أن يشترطه المبتاعُ . ومنها : من باع نَخْلًا قدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُها للبائعِ إلا أن يشترط المبتاع لَزِمَ الناسَ الأخذُ بِها بما ألْزَمَهم اللهُ مِن الانتهاءِ إلى أمره .
_________ .
( 1 ) أي نسيئة سُهِّلت وقرأ ورش وأبو جعفر ( إنما النَّسِيُّ ) [ التوبة 37 ] .
( 2 ) تقدم توجيه هذا ونحوه من العربية