قال الله تبارك وتعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ ؟ قُلْ : هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ . إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ( 222 ) " [ البقرة ] .
قال " الشافعي " : افترض الله الطهارةَ على المُصَلِّي فِي الوُضوء والغسل مِن الجنَابَة فلم تكن لغير طاهر صلاةٌ . وَلَمَّا [ ص 118 ] ذكر اللهُ المَحِيضَ فأمَرَ باعتزال النساء حتى يَطْهُرْنَ فإذا تَطَهَّرْنَ أُتِينَ : استدلَلْنا على أنَّ تَطَهُّرَهُنَّ بالماء : بعد زوال المحيض لأن الماء موجود في الحالات كلها في الحَضَر فلا يكون للحائض طهارة بالماء لأن الله إنما ذكَرَ التَّطَهُّرَ بعد أنْ يَطْهُرْنَ وَتَطَهُّرُهُنَّ : زَوالُ المحيض في كتاب الله ثم سنة رسوله .
أخبرنا " مالك " عن " عبد الرحمن بن القاسم " عن أبيه عن " عائشة " وذَكَرَتْ إحرامَها مع النبي وأنَّها حاضتْ فأمَرَها أن تَقْضي ما يقضي الحاجُّ : " غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي " ( 1 ) .
[ ص 119 ] فاستدللنا على أنَّ الله إنَّمَا أراد بفرض الصلاة مَنْ إذا تَوَضَّأ واغتسل طَهُرَ فأما الحائض فلا تَطْهر بواحد منهما وكان الحيض شيئاً خُلِقَ فيها لم تَجْتَلِبْهُ على نفسها فتكون عاصية به فزال عنها فرض الصلاة أيام حيضها فلم يكن عليها قضاءُ ما تركتْ منها في الوقت الذي يزول عنها فيه فرضُها .
_________ .
( 1 ) البخاري : كتاب الحيض / 294 مسلم : كتاب الحيض / 2115 أحمد : مسند باقي الأنصار / 25139 مالك : كتاب الحج / 821