وإن القول بغير خبر ولا قياس لَغَير جائز بما ذكرتُ من كتاب الله وسنة رسوله ولا في القياس .
فقال : أما الكتاب والسنة فيدلان على ذلك لأنه إذا أمر النبي بالاجتهاد فالاجتهاد أبداً لا يكون إلا على طلب شيء وطلبُ الشيء لا يكون إلا بدلائل والدلائلُ هي القياس قال : فأين القياس مع الدلائل على ما وصفتَ ؟ .
قلت : ألا ترى أن أهل العلم إذا أصاب رجل [ ص 506 ] لرجل عبداً لم يقولوا لرجل : أقم عبداً ولا أمةً إلا وهو خابرٌ بالسوق ليُقيم معنيين : بما يُخبر كَم ثمنُ مثله في يومه ؟ ولا يكون ذلك إلا بأن يَعتبر عليه بغيره فيقيسه عليه ولا يقال لصاحب سلعة : أقم إلا وهو خابرٌ .
[ ص 507 ] ولا يجوز أن يقال لفقيه عدلٍ غيرِ عالم بقِيَم الرقيق : أقم هذا العبدَ ولا هذه الأمةَ ولا إجازةَ هذا العاملِ لأنه إذا أقامه على غير مثال بدلالةٍ على قيمته كان متعسفاً .
فإذا كان هذا هكذا فيما تَقِلّ قيمته من المال ويَيْسُرُ الخطأ فيه على المُقَام له والمقام عليه - : كان حلالُ الله وحرامه أولى أن لا يقال فيهما بالتعسُّف والاستحسان