عروض التجارة جمع عرض - بسكون الراء - وهو ما ليس بذهب أو فضة مضروبا كان كالجنيه والريال أو غير مضروب . كحلية النساء فقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الذهب والفضة لا تدخل في عروض التجارة مطلقا وخالف المالكية في غير المضروب فقالوا : إذا لم يكن الذهب والفضة مضروبين فإنهما يكونان من عروض التجارة لا من النقدين فتجب الزكاة في عرض التجارة من قماش وحديد ونحو ذلك فيجب على من يملك تجارة أن يخرج زكاتها وهو ربع العشر بشروط وكيفية مفصلة في المذاهب فانظرها تحت الخط ( الشافعية قالوا : تجب زكاة عروض التجارة بشروط ستة : الأول : أن تكون هذه العروض قد ملكت بمعاوضة : كشراء فمن اشترى عروضا نوى بها التجارة سواء اشتراها بنقد أو بدين حال أو مؤجل وجب عليه زكاتها بالكيفية الآتية أما إذا كانت العروض مملوكة بغير معاوضة : كإرث كأن ترك لورثته عروض تجارة فلا تجب عليهم زكاتها حتى يتصرفوا فيها بنية التجارة الثاني أن ينوي بهذه العروض التجارة حال المعاوضة في صلب العقد أو في مجلسه فإذا لم ينو بالعروض التجارة على هذا الوجه فلا زكاة فيها ويشترط تجديد نية التجارة عند كل معاوضة حتى يفرغ رأس المال فإذا فرغ رأس المال فلا تجب النية عند كل تصرف لانسحاب حكم التجارة عليه اكتفاء بما تقدم الثالث : أن لا يقصد بالمال القنية أي إمساكه للانتفاع به وعدم التجارة فإن قصد ذلك انقطع الحول فإذا أراد التجارة بعد احتاج لتجديد نية التجارة مقرونة بتصرف في المال الرابع : مضى حول من وقت ملك العروض فإن لم يمض حول من ذلك الوقت فلا تجب الزكاة فيها إلا إذا كان الثمن الذي ملك به العروض نقدا حالا وكان نصابا أو كان أقل من نصاب ولكنه يملك ما يكمل النصاب من النقد ففي هاتين الصورتين تجب عليه الزكاة في العروض متى مضى حول على أصلها وهو النقد الخامس : أن لا يصير جميع مال التجارة في أثناء الحول نقدا من جنس ما تقوم به العروض على ما يأتي في " كيفية زكاة العروض " وهو أقل من النصاب فإن صار جميع المال نقدا مع كونه أقل من نصاب انقطع الحول فإذا اشترى به سلعة للتجارة ابتدأ حولها من حين شرائها ولا عبرة بالزمن السابق أما لو صار بعض المال إلى ما ذكر وبقي بعضه عروضا أو باع الكل بنصاب من نقد أو بعرض أو بنقد لا يقوم به آخر الحول كما يأتي فلا ينقطع الحول السادس : أن تبلغ قيمة العروض آخر الحول نصابا فالعبرة بآخر الحول لا بجميعه ولا بطرفيه وإذا كانت عروض التجارة مما تتعلق الزكاة بعينها : كالسائمة والثمر نظر فإن وجد النصاب في عين المال وفي قيمته زكيت عين المال على حكم زكاة السوائم والثمر دون القيمة وإن وجد النصاب في أحدهما دون الآخر زكى ما وجد فيه النصاب من قيمة عروض التجارة أو ذات السوائم والثمر وتتكرر زكاة عروض التجارة بتكرار الأعوام ما دام النصاب كاملا وكيفية زكاتها أن تقوم آخر الحول بما اشتريت به من ذهب وفضة أما إذا اشتراها بغير نقد فتقوم بالنقد الغالب في البلد ولا بد في التقويم آخر الحول من عدلين : لأنها شهادة بالقيمة والشاهد في ذلك لا بد من تعدده والواجب فيها ربع العشر .
الحنفية قالوا : تجب الزكاة في عروض التجارة بشروط : منها أن تبلغ قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة وتقوم بالمضروبة منهما وله تقويمها بأي النوعين شاء إلا إذا كانت لا تبلغ بأحدهما نصابا وتبلغ بالآخر فحينئذ يتعين التقويم بما يبلغها النصاب وتعتبر قيمتها في البلد الذي فيه المال حتى لو أرسل تجارة إلى بلد آخر فحال عليها الحول اعتبرت قيمتها في تلك البلد فلو أرسلها إلى مفازة اعتبرت قيمتها في أقرب الأمصار إلى تلك المفازة وتضم بعض العروض إلى بعض في التقويم وإن اختلفت أجناسها ومنها أن يحول عليها الحول والمعتبر في ذلك طرفا الحول لا وسطه فمن ملك في أول الحول نصابا ثم نقص في أثنائه ثم كمل في آخره وجبت فيه الزكاة أما لو نقص في أوله أو في آخره فإنه لا تجب فيه الزكاة كما تقدم في " شروط الزكاة " وكذا لو زادت قيمتها في ىخر الحول عن النصاب فإنه يخرج زكاتها باعتبار هذه الزيادة ومنها أن ينوي التجارة وأن تكون هذه النية مصحوبة بعمل تجارة فعلا . فلو اشترى حيوانا ليستخدمه ثم نوى أن يتجر فيه لا يكون للتجارة إلا إذا شرع في بيعه أو تأجيره بالفعل وإذا وهب له مال غير النقدين أو أوصى له به ونوى به التجارة عند الهبة أو الوصية فإن هذه النية لا تصح إلا إذا تصرف بالفعل وإذا استبدل سلعة تجارية بسلعة مثلها فتعتبر النية في الأصل لا في البدل فيكون البدل للتجارة بلا نية اكتفاء بالنية في الأصل إلا إذا نوى عدم التجارة فيه فإنه لا يكون للتجارة حينئذ ومنها أن تكون العين المتجر فيها صالحة لنية التجارة فلو اشترى أرض عشر وزرعها أو بذرا وزرعه وجب في الزرع الخارج العشر دون الزكاة أما إذا لم يزرع الأرض العشرية فإن الزكاة تجب في قيمتها بخلاف الأرض الخراجية فإن الزكاة لا تجب فيها وإن لم يزرعها وإذا كان عنده ماشية للتجارة لم يحل عليها الحول ثم قطع نية التجارة وجعلها سائمة للدر والنسل ونحوهما مما تقدم في " زكاة السوائم " بطل حول التجارة وابتدأ الحول من وقت جعلها سائمة فإذا تم الحول من ذلك الوقت زكاها نفسها على حكم زكاة السائمة المتقدمة ولا يقومها وإذا اتجر في الذهب أو الفضة زكاها على حكم زكاة النقد المتقدمة ولا يشترط في وجوب زكاتهما نية التجارة وإذا بقيت عروض التجارة عنده أعوام ثم باعها بعد ذلك فعليه زكاتها لجميع الأحوال لا لعام فقط .
المالكية قالوا : تجب زكاة عروض التجارة مطلقا سواء كان التاجر محتكرا أو مديرا وقد سبق بيانهما في " زكاة الدين " بشروط خمسة وبكيفية مخصوصة : الأول : أن يكون العرض مما لا تتعلق الزكاة بعينه : كالثياب والكتب فإن تعلقت الزكاة بعينه كالحلي من الذهب أو الفضة وكالماشية - الإبل والبقر والغنم - وجبت زكاته بالكيفية المتقدمة في زكاة النعم والذهب والفضة إن بلغ نصابا فإن لم يبلغ نصابا تكون لزكاة في قيمته كبقية العروض الثاني : أن يكون العرض مملوكا بمبادلة حالية : كشراء وإجارة لا مملوكا بإرث أو خلع أو هبة أو صدقة مثلا فإنه إذا ملك شيئا بسبب ذلك ثم نوى به التجارة فإنه إذا باعه يستقبل بثمنه حولا من يوم قبض الثمن لا من يوم ملكه وإذا لم يبعه فلا يقوم عليه ولا زكاة فيه ولو كان مديرا الثالث أن ينوي بالعرض التجارة حال شرائه سواء نوى التجارة فقط أو نوى معها الاستغلال أو الانتفاع بنفسه مثال ذلك : أن يشتري للتجارة بيتا ونوى مع ذلك أن يكريه أو يسكنه ريثما يظهر فيه ربح فيبيعه فتجب زكاته في كل هذه الأحوال على التفصيل الآتي في كيفية " زكاة العروض " وأما إذا اشترى عرضا ونوى به الاستغلال أو الاقتناء لينتفع به بنفسه أو لم ينو شيئا فلا تجب زكاته الرابع : أن يكون ثمنه عينا أو عرضا امتلكه بمعاوضة مالية وأما إذا كان ثمنه عرضا ملكه بهبة أو إرث مثلا فلا زكاة فيه . بل إذا باعه بعد استقبل بثمنه حولا من يوم قبضه الخامس : أن يبيع من ذلك العرض بنصاب من الذهب أو الفضة إن كان محتكرا أو بأي شيء منهما ولو درهما إن كان مديرا . فإن لم يبع المحتكر بنصاب من النقدين أو لم يبع المدير بشيء منهما فلا تجب الزكاة إلا إذا كان عند المحتكر ما يكمل النصاب منهما من مال استفاده بإرث مثلا وحال عليه الحول أو من معدن وإن لم يحل الحول عليه فتجب عليه زكاة الجميع . وأما كيفية زكاة عرض التجارة فإن كان التاجر محتكرا فيزكي ما باع به من النقدين مضموما إلى ما عنده منها لسنة واحدة فقط . ولو أقامت العروض عنده أعواما . والديون التي له من التجارة لا يزكيها إلا إذا قبضها . فيزكيها لعام واحد فقط وإن كان مديرا . فإنه يقوم في كل عام ما عنده من عروض التجارة ولو كسد سوقها . وأقامت عنده أعواما ثم يضم قيمتها إلى ما عنده من النقدين ويزكي الجميع وأما الديون التي له من التجارة فإن كانت نقدا حل أجله أو كان حالا ابتداء وكان مرجوا خلاصه ممن هو عليه في الصورتين . فإنه يعتبر عدده ويضمه إلى ما تقدم . وإن كان الدين عرضا أو نقدا مؤجلا وكان مرجوا خلاصه أيضا فإنه يقومه ويضم القيمة لما تقدم ويزكي الجميع وكيفية تقويم النقد المؤجل أنه يقول بعرض ثم العرض بذهب أو فضة حالين مثلا إذا كان له عشرة جنيهات مؤجلة يقال ما مقدار ما يشتري بهذه العشرة جنيهات المؤجلة من الثياب مثلا ؟ فإذا قيل خمسة أثواب قيل : وإذا بيعت هذه الخمسة بذهب أو فضة حالة فبكم تباع ؟ فإذا قيل : بثمانية جنيهات اعتبرت هذه الثمانية قيمة للعشرة المؤجلة . وضمت لما عنده من النقود وقيمة العروض فإذا بلغ المجموع نصابا زكاه وإلا فلا وأما إذا كان الدين على معدم لا يرجى خلاصه منه فلاتجب عليه زكاته إلا إذا قبضه من المدين فإذا قبضه زكاه لعام واحد فقط وكذا حكم الدين السلف فإنه يزكي لعام واحد فقط بعد قبضه ويعتبر مبدأ حول المدير من الوقت الذي ملك فيه الثمن الذي اشترى به عروض التجارة إن لم تجر فيه الزكاة فإن جرت الزكاة في عينه فحوله من يوم ملك الأصل . أو زكاته إذا كان دون نصاب كما سبق ولو تأخر وقت الإدارة عن ذلك على الراجح وأما المحتكر فمبدأ حوله يوم ملك الأصل أو زكاته إن كان قد زكاه قولا واحدا . ولا تقوم على المدير الأواني التي توضع فيها سلع التجارة ولا آلات العمل إذا كان التاجر محتكرا لبعض السلع ومديرا للبعض الآخر فالزكاة فيها تفصيل يتلخص فيما يلي : إن كان ما فيه الإدارة مساويا لما فيه الاحتكار زكى الأول على حكم الإدارة . يعني يقومه كل عام . وزكى الثاني على حكم الاحتكار فكل منهما على حكمه المتقدم أي المدار يقوم كل عام وغيره ينتظر بركات البيع وقبض الثمن وأما إذا كان الأكثر للإدارة فيقوم الجميع كل عام تغليبا لجانب الإدارة على الاحتكار ويكفي في تقويم العروض واحد ولا يشترط التعدد لأن ذلك ليس من قبيل الشهادة بل هو من قبيل الحكم والحاكم لا يجب أن يكون متعددا .
الحنابلة قالوا : تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصابا بشرطين : الأول : أن يملكها بفعله كالشراء فلو ملك العروض بغير فعله كأن ورثها فلا زكاة فيها الثاني : أن ينوي التجارة حال التملك بأن يقصد التكسب بها ولا بد من استمرار النية في جميع الحول أما لو اشترى عرضا للقنية ثم نوى به التجارة بعد ذلك فلا يصير للتجارة إلا الحلي المتخذ للبس فإنه إذا نوى به التجارة بعد شرائه للبس يصير للتجارة بمجرد النية وتقوم عروض التجارة عند تمام الحول ويكون التقويم بما هو أنفع للفقراء من ذهب أو فضة سواء أكان من نقد البلد أم لا وسواء بلغت قيمة العروض نصابا بكل منهما أو بأحدهما ولا يعتبر في التقويم ما اشتريت به من ذهب أو فضة لا قدرا ولا جنسا وإذا نقصت بعد التقويم أو زادت فلا عبرة بذلك متى كان التقويم عند تمام الحول وإن ملك نصاب سائمة لتجارة ثم حال الحول عليه وكان السوم ونية التجارة موجودين فعليه زكاة تجارة وليس عليه زكاة سوم ولو ملك سائمة للتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة استأنف بها حولا من وقت قطع النية وإن اشترى أرضا لتجارة يزرعها . وبلغت قيمتها نصابا أو اشترى أرضا لتجارة وزرعها ببذر تجارة فعليه زكاة الجميع قيمة إن بلغت قيمتها نصابا )