معنى الطهارة في اللغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ .
سواء كانت حسية أو معنوية ومن ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن .
عباس Bهما أن النبي A كان إذا دخل .
على مريض قال : " لا بأس طهور إن شاء الله " والطهور كفطور .
المطهر من الذنوب فهو A يقول : إن المرض مطهر .
من الذنوب وهي أقذار معنوي [ لعله : معنوية ؟ ؟ ] ويقابل الطهارة النجاسة ومعناها في .
اللغة : كل شيء مستقذر حسيا كان أو معنويا فيقال للآثام : نجاسة وإن .
كانت معنوية وفعلها : نجس " بفتح الجيم وضمها وبكسرها " ينجس " بفتح .
الجيم وضمها " نجاسة فهو نجس . ونجس " بكسر الجيم وفتحها " ومن .
المفتوح قوله تعالى : { إنما المشركون نجس } .
أما تعريف الطهارة والنجاسة في اصطلاح الفقهاء ففيه تفصيل المذاهب .
( الحنفية قالوا : الطهارة شرعا النظافة عن حدث . أو خبث فقولهم : .
النظافة يشمل ما إذا نظفها الشخص أو نظفت وحدها بأن سقط عليها .
ماء فأزالها وقولهم : عن حدث يشمل الحدث الأصغر وهو ما ينافي .
الوضوء من ريح ونحوه والحدث الأكبر وهو الجنابة الموجبة للغسل .
وقد عرفوا الحدث بأنه وصف شرعي يحل ببعض الأعضاء . أو بالبدن .
كله فيزيل الطهارة ويقال له : نجاسة حكيمة بمعنى أن الشارع حكم .
بكون الحدث نجاسة تمنع من الصلاة كما تمنع منها النجاسة المحسة أما .
الخبث فمعناه في الشرع العين المستقذرة التي أمر الشارع بنظافتها .
وبهذا تعلم أن النجاسة تقابل الطهارة وأنها عبارة عن مجموع أمرين : .
الحدث . والخبث ولكن اللغة تطلقها على كل مستقذر سواء كان حسيا .
كالدم . والبول . والعذرة . ونحوها أو كان معنويا كالذنوب أما الفقهاء .
فقد خصوا الحدث بالأمور المعنوية وهو الوصف الشرعي الذي حكم .
الشارع بأنه حل في البدن كله عند الجنابة أو في أعضاء الوضوء عند .
وجود ناقض الوضوء من ريح ونحوه وخصوا الخبث بالأمور العينية .
المستقذرة شرعا كالدم . . . الخ .
ولعل قائلا يقول : إن هذا التعريف يخرج الوضوء على الوضوء بنية .
القربة إلى الله فإن الوضوء الثاني لم يزل حدثا ولم يرفع خبثا مع كونه .
طهارة والجواب : أن الوضوء على الوضوء بنية القربى وإن لم يزل .
حدثا ولكنه يزيل الذنوب الصغائر وهي أقذار معنوية وقد عرفت أن .
اللغة تطلق الخبث على الأمور المعنوية وإن كانوا يخصون الخبث .
بالأمور الحسية ولكنهم يقولون : إن إزالة الأمور المعنوية يقال لها : .
طهارة فالوضوء على الوضوء طهارة بهذا المعنى وههنا إيراد .
معروف وهو أنه لا معنى لعد الريح أو المباشرة الفاحشة بدون إنزال .
مثلا من نواقض الوضوء ولا معنى لكون المني يوجب الغسل أما .
الأول : فلأن الريح ونحوه ليس بنجاسة محسة وأما الثاني : فلأن المني .
طاهر وعلى فرض أنه نجس فلم تكن نجاسته أكثر من نجاسة البول . أو .
الغائط فالمعقول أن تكون الطهارة منه مقصورة على غسل محله فقط .
والجواب : أن قائل هذا الكلام غافل عن معنى العبادة وغافل عن معنى .
أمارات العبادة لأن الغرض من العبادة إنما هو الخضوع بالقلب .
والجوارح لله D على الوجه الذي يرسمه هو فلا يصح لأحد أن .
يخرج عن الحد الذي يحده الله لعبادته ولا مصلحة للمخلوق في مناقشة .
أمارات العبادة ورسومها إلا بمقدار ما يمسه من نصب وإعياء فإن له .
الحق في طلب تكليفه بما يطيق أما عدا ذلك من كيفيات ورسوم فإنها .
يجب أن تناط ؟ ؟ وإعياء فإن له الحق في طلب تكليفه بما يطيق أما ما عدا .
ذلك من كيفيات ورسوم فإنها يجب أن تناط بالمعبود وحده وهذه مسألة .
واضحة لا خفاء فيها حتى فيما جرت به العادة من تعظيم الناس بعضهم .
بعضا فإن الملوك لا يسألون عن سبب الرسوم التي يقابلون بها الناس .
ما دامت غير شاقة فمتي قال الشارع : لا تصلوا وأنتم محدثون حدثا .
أصغر أو أكبر فإنه يجب علينا أن نمتثل بدون أن نقول له : لماذا الشافعية .
وإلا فيصح أن نقول له : لماذا نصلي الشافعية إذ لا فرق فإن كلا منهما .
عبادة له جعلها أمارة من أمارات الخضوع إنما الذي يصح أن نقوله : .
وإذا لم نقدر على الوضوء أو الغسل أو الصلاة فماذا نفعل الشافعية ولذا .
شرع لنا التيمم . والصلاة من قعود واضطجاع ونحو ذلك مما نقدر عليه .
فالذي من حقنا هو الذي نسأل عنه ونناقش فيه والذي يختص بالإله .
وحده نؤديه بدون مناقشة وهذا بخلاف المعاملات . أو الأحوال .
الشخصية فإنها متعلقة بحياتنا فلنا الحق أن نعرف حكمة كل قضية .
ونناقش في كل جزئية .
هذا هو الرأي المعقول على أن بعض المفكرين من علماء المسلمين .
قال : إن كل قضية من قضايا الشريعة لها حكمة معقولة وسر واضح .
عرفه من عرفه وخفي على من خفي عليه لا فرق في ذلك بين العبادات .
والمعاملات .
وقد أجاب عن الأول بأن الريح مستقذر حسا بدون نزاع وهو وإن لم .
يكن مرئيا بحاسة البصر فهو مدرك بحاسة الشم وهو قبل أن يخرج مر .
على النجاسة الحسية على أن الذي يقول : إن الريح لا ينقض وإن البول .
أو الغائط يوجبان غسل محلهما فقط يلزمه أن يقول : إن الإنسان لا .
يلزمه أن يتوضأ في حياته إلا مرة واحدة فإن النوم ليس بنجاسة .
والريح ليس بنجاسة والبول والغائط نجاسة محلية فقط ولا يخفي أن .
هذا الكلام فاسد لا قيمة له لأن الواقع أن الله قد شرع الوضوء لمنافع .
كثيرة : منها ما هو محس مشاهد من تنظيف الأعضاء الظاهرة .
المعروضة للأقذار خصوصا الفم والأنف . ومنها ما هو معنوي : وهو .
الامتثال والخضوع لله D فيشعر المرء بعظمة خالقه دائما فينتهي .
عن الفحشاء والمنكر وذلك خير له في الدنيا والآخرة فإذا كان الوضوء .
لا ينتقض فقد ضاعت مشروعيته وضاعت فائدته .
وأجاب عن الثاني بأن قياس البول والغائط على المني قياس فاسد واضح .
الفساد لأن المني يخرج من جميع أجزاء البدن باتفاق ولا يخرج غالبا .
إلا بعد مجهود خاص ثم بعد انفصاله يحصل للجسم فتور ظاهر .
وبديهي أن الغسل يعبد للبدن نشاطه ويعوض عليه بعض ما فقده .
وينظف ما عساه أن يكون قد علق بجسمه من فضلات ومع هذا كله فإن .
مشروعية الغسل قهرا عقب الجنابة من محاسن الشريعة الإسلامية فإن .
الإنسان لا يستغني عن النساء فيضطر إلى تنظيف بدنه بخلاف ما إذا لم .
يكن الغسل ضروريا فإنه قد يكسل فتغمره الأقذار ويؤذي الناس .
برائحته فكيف يقاس هذا بالبول المتكرر المعتاد الذي يخرج من مكان .
خاص بدون مجهود ؟ ؟ فالقياس فاسد من .
جميع الوجوه وعلى كل حال فإن العبادات يجب أن يؤديها الإنسان .
خالصة لله D بدون أن ينظر إلى ما يترتب عليها من منافع .
دنيوية وإن كانت كلها منافع .
المالكية قالوا : الطهارة صفة حكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة .
بثوبه الذي يحمله وفي المكان الذي يصلي فيه ومعنى كونها صفة أنها .
صفة اعتبارية أو معنوية قدرها الشارع شرطا لصحة الصلاة ونحوها .
وهذه الصفة إن قامت بالمكان الذي يريد الصلاة فيه أباحت له الصلاة .
فيه وإن قامت بالثوب الذي يحمله أباحت له الصلاة به وعلى كل حال .
فهي أمر معنوي تقديري لا أمر محس مشاهد ويقابلها بهذا المعنى .
أمران : أحدهما النجاسة وهي صفة حكمية توجب لموصوفها منع .
استباحة الصلاة بما يحمله من ثوب . أو في المكان الذي قامت به .
ثانيهما : الحدث وهو صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة .
له بمعنى أن النجاسة صفة تقديرية تارة تقوم بالثوب فتمنع الصلاة به .
وتارة تقوم بالمكان فتمنع بالمكان فتمنع الصلاة فيه وتارة تقوم .
بالشخص ويقال لها : حدث فتمنعه من الصلاة وعلى كل حال فالحدث .
هو الوصف الذي قدره الشارع وقد يطلق على نواقض الوضوء الآتي .
بيانها وقد تطلق النجاسة على الجرم المخصوص كالدم والبول .
ونحوهما .
الشافعية قالوا : تطلق الطهارة شرعا على معنيين : أحدهما فعل شيء .
تستباح به الصلاة من وضوء وغسل وتيمم وإزالة نجاسة أو فعل ما في .
معناهما وعلى صورتهما كالتيمم والأغسال المسنونة والوضوء على .
الوضوء ومعنى هذا أن وضع الماء على الوجه وسائر الأعضاء بنية .
الوضوء يقال له : طهارة فالطهارة اسم لفعل الفاعل وقوله : أو ما في .
معناهما كالوضوء على الوضوء والأغسال المسنونة معناه أنها طهارة .
اسم لفعل الفاعل ومع ذلك فلم يترتب عليها استباحة الصلاة لأن الصلاة .
مستباحة بالوضوء الأول وبدن غسل مسنون لأن الذي يمنع من الصلاة .
الجنابة والاغتسال منها واجب لا مسنون فلا بد من إدخالها في .
التعريف حتى لا يخرج عنه ما هو منه . ثانيهما : أنها ارتفاع الحدث أو .
إزالة النجاسة أو ما في معناهما وعلى صورتهما كالتيمم والأغسال .
المسنونة الخ فالطهارة هي الوصف المعنوي المترتب على الفعل .
فالحدث يرتفع بالوضوء أو الغسل إن كان أكبر والارتفاع مبني على .
فعل الفاعل وهو المتوضئ أو المغتسل والنجاسة تزول بغسلها وهذا .
هو المقصود من الطهارة فإذا أطلقت تنصرف إليه أما إطلاقها على .
الفعل فهو مجاز من إطلاق المسبب وهو الارتفاع على السبب وهو .
الفعل .
الحنابلة قالوا : الطهارة في الشرع هي ارتفاع الحدث وما في معناه .
وزوال النجس أو ارتفاع حكم ذلك فقولهم : ارتفاع الحدث معناه زوال .
الوصف المانع من الصلاة ونحوها لأن الحدث هو عبارة عن صفة .
حكمية قائمة بجميع البدن أو ببعض أعضائه فالطهارة منه معناها ارتفاع .
هذا الوصف وقولهم : أو ما في معناه يريدون به ما في معنى ارتفاع .
الحدث كالارتفاع الحاصل بغسل الميت لأنه ليس عن حدث وإنما هو .
أمر تعبدي فهو لم يرفع حدثا . مثله الوضوء على الوضوء والغسل .
المسنون فإنهما في معنى الوضوء والغسل الرافعين للحدث ولكنهما لم .
يرفعا حدثا وقولهم : وزوال النجس أي سواء زال بفعل الفاعل كغسل .
الشيء الذي أصابته نجاسة أو زال بنفسه كانقلاب الخمر خلا وقولهم : .
أو ارتفاع حكم ذلك معناه ارتفاع حكم الحدث وما في معناه أو ارتفاع .
حكم النجس وذلك يكون بالتراب كالتيمم عن حدث أو خبث فإنه يرتفع .
بالتيمم حكم الحدث الخبث وهو المنع من صلاة