لا يجوز الكلام حال الخطبة على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط ( الحنفية قالوا : يكره الكلام تحريما حال الخطبة سواء أكان بعيدا عن الخطيب أم قريبا منه في الأصح وسواء أكان الكلام دنيويا أم بذكر ونحوه على المشهور وسواء حصل من الخطيب لغو بذكر الظلمة أو لا وإذا سمع اسم النبي A يصلي عليه في نفسه ولا بأس أن يشير بيده ورأسه عند رؤية المنكر وكما يكره الكلام تحريما حال الخطبة كذلك تكره الصلاة كما تقدم باتفاق أهل المذهب : أما عند خروج الإمام من خلوته فالحكم كذلك عن أبي حنفية لأن خروج الإمام عنده يقطع الصلاة والكلام وعند صاحبيه يقطع الصلاة دون الكلام ومن الكلام المكروه رد السلام بلسانه ويقلبه ولا يلزمه قبل الفراغ من الخطبة أو بعدها لأن البدء بالسلام غير مأذون فيه شرعا بل يأثم فاعله فلا يجب الرد عليه وكذا تشميت العاطس ويكره للإمام أن يسلم على الناس وليس من الكلام المكروه والتحذير من عقرب أو حية أو النداء لخوف على أعمى ونحو ذلك مما يترتب عليه دفع ضرر .
المالكية قالوا : يحرم الكلام حال الخطبة وحال جلوس الإمام على المنبر بين الخطبتين ولا فرق في ذلك بين من يسمع الخطبة وغيره فالكل يحرم عليه الكلام ولو كان برحبة المسجد أو الطرق المتصلة به وإنما يحرم الكلام المذكور ما لم يحصل من الإمام لغو في الخطبة كأن يمدح من لا يجوز مدحه أو يذم من لا يجوز ذمه فإن فعل ذلك سقطت حرمته ويجوز الكلام حال جلوسه على المنبر قبل الشروع في الخطبة وفي آخر الخطبة الثانية عند شروع الخطيب في الدعاء للمسلمين أو لأصحاب الرسول عليه السلام أو الخليفة ومن الكلام المحرم حال الخطبة ابتداء السلام ورده على من سلم ومنه أيضا نهي المتكلم حال الخطبة . وكما يحرم الكلام تحرم الإشارة لمن يتكلم ورميه بالحصى ليسكت ويحرم أيضا الشرب وتشميت العاكس لكن يندب للعاطس والإمام يخطب أن يحمد الله سرا وكذلك إذا ذكر الخطيب آية عذاب أو ذكر النار مثلا فإنه يندب للحاضر أن يتعوذ سرا قليلا وإذا دعا الخطيب ندب للحاضر التأمين ويكره الجهر بذلك ويحرم الكثير منه ومثل التأمين التعوذ والاستغفار والصلاة على النبي عليه السلام إذا وجد السبب لكل منهما فيندب كل منهما سرا إذا كان قليلا وأما التنفل فيحرم بمجرد خروج الإمام للخطبة والقاعدة أن خروج الخطيب يحرم الصلاة وكلامه يحرم الكلام .
الشافعية قالوا : من كان قريبا من الخطيب بحيث لو أنصت يسمعه يكره له تنزيها أن يتكلم أثناء أداء الخطيب أركان الخطبة وإن لم يسمع بالفعل وقيل : يحرم أما ما زاد على أركان الخطبة فإنه لا يكره الكلام في أثناء أدائه كما لا يكره الكلام قبل الخطبة ولو خرج الإمام من خلوته ولا بعدها قبل إقامة الصلاة ولا بين الخطبتين وكذا لا يكره كلام من كان بعيدا عنه بحيث لو أنصت لا يسمع ويسن له حينذاك أن يشتغل بالذكر ويستثنى من كراهة الكلام المذكور أربعة أمور : الأول : تشميت العاطس فإنه مندوب الثاني : رفع الصوت بالصلاة على النبي A عند ذكر اسمه الكرم من غير مبالغة في رفعه فإنه مندوب أيضا الثالث : رد السلام فإنه واجب وإن كان البدء بالسلام على مستمع الخطبة من الكلام المكروه الرابع : ما قصد به دفع أذى كإنقاذ أعمى أو التحذير من عقرب ونحوه فإنه واجب أما الصلاة حال الخطبة فقد تقدم حكمها .
الحنابلة قالوا : يحرم على من كان قريبا من الخطيب يوم الجمعة - بحيث يسمعه - أن يتكلم حال الخطبة بأي كلام ذكرا كان أو غيره ولو كان الخطيب غير عدل إلا الخطيب نفسه فإنه يجوز له أن يتكلم مع غيره لمصلحة كما يجوز لغيره أن يتكلم معه : نعم يباح للمستمع أن يصلي على النبي A عند ذكر اسمه ولكن يسن له أن يصلي عليه سرا وكذا يجوز له أن يؤمن على الدعاء وأن يحمد إذا عطس خفية وأن يشمت العاطس وأن يرد السلام بالقول لا بالإشارة أما من كان بعيدا عن الخطيب بحيث لا سمعه فإنه يجوز له الكلام وإذا اشتغل بالقراءة والذكر ونحو ذلك كان أفضل من السكوت وليس له أن يرفع صوته بذلك لئلا يشغل غيره عن الاستماع للخطيب وكذلك لا يحرم الكلام قبل الخطبتين أو بعدهما ولا في حال سكوت الخطيب بين الخطبتين ولا عند شروع الخطيب في الدعاء لأنه يكون قد فرغ من أركان الخطبة والدعاء لا يجب الانصات له ومن سمع غيره يتكلم فليس له إسكاته بالقول بل له أن يشير له بوضع إصبعه السبابة على فيه وقد يجب الكلام حال الخطبة إذا كان لإنقاذ ا'مى أو تحذير الغير من حية أو عقرب أو نار أو نحو ذلك )