يبتدع بعض الناس أن يتكلموا بين يدي الخطيب بقوله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } الآية ويزيدون عليها أنشودة طويلة ثم إذا فرغ المؤذن الذي يؤذن بين يديه يقول : " إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة : أنصت فقد لغوت " الحديث : ثم يقول بعد ذلك : أنصتوا تؤجروا وكل هذا بدعة لا داعي إليها ولا لزوم لها خصوصا ما يعلنه ذلك المؤذن من الجهل بمعنى الحديث لأنه يأمر بالانصات وعدم الكلام ثم يتكلم هو بعده بقوله : أنصتوا تؤجروا ولا أدري ما هو الداعي لهذه الزيادة التي لم يأمرنا بها الدين وقواعده تأباها لأن الغرض في هذا المقام إظهار الخضوع والخشوع لله D فكل تهويش أو كلام سوى كلام الخطيب لغو فاسد لا قيمة له وقد وافق على هذا المالكية والحنفية على المعتمد عندهم وإليك تفصيل المذاهب في ذلك تحت الخط ( المالكية قالوا : الترقية بدعة مكروهة لا يجوز فعلها إلا إذا شرطها واقف في كتاب وقفه .
الحنفية قالوا : إن الكلام بعد خروج الإمام من خلوته إلى أن يفرغ من صلاته مكروه تحريما سواء كان ذكرا أو صلاة على النبي A أو كلاما دنيويا وهذا هو مذهب الإمام وهو المعتمد . وبذلك تعلم أن الترقية وكل كلام مكروه تحريما في هذا المقام وقال صاحباه : لا يكره الكلام كذلك إلا حال الخطبة أما بعد خروج الإمام من خلوته وحال جلوسه على المنبر ساكتا فلا يكره الكلام وإنما تكره الصلاة وعلى هذا فلو تكلم بذكر أو صلاة على النبي بدون تهويش فإنها تجوز عندهما وعلى كل حال فالترقية بهذه الكيفية بدعة مكروهة في نظر الحنفية وتركها أحوط على كل حال .
الشافعية قالوا : إن الترقية المعروفة بالمساجد - وإن كانت بدعة لم تكن في عهد رسول الله ولا عهد أصحابه - ولكنها حسنة لا يأباها الدين لأنها لا تخلو من حث على الصلاة على النبي A وتحذير بالجواز لا يبيحون التغني بالصيغ المشهورة المعروفة كقولهم : اللهم صل وسلم وكرم ومجد وبارك على من تظلله الغمامة الخ فإن ذلك التغني لا يجوز لاتفاق .
الحنابلة قالوا : لا يجوز الكلام حال الخطبتين أما قبلهما أو بينهما عند سكوت الخطيب فإن الكلام يباح ويباح الكلام أيضا إذا شرع الخطيب في الدعاء وبذلك تعلم حكم الترقية عندهم )