وأما سنن الخطبة فقد ذكرناها مجتمعة عند كل مذهب تحت الخط ( الشافعية قالوا : سنن الخطبة هي : ترتيب الأركان بأن يبدأ بالحمد أولا . ثم يصلي على النبي A ثم يوصي الناس بالتقوى ثم يقرأ الآية ثم يدعو للمؤمنين والدعاء في الخطبة الثانية لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح واعانة على الحق ولا بأس بالدعاء للملك والسلطان بخصوصه وزيادة السلام على النبي A بعد الصلاة عليه والصلاة والسلام على الآل والصحب والانصات وقت الخطبة لمن كان يسمعها لو أنصت أما من لا يستطيع سماعها فيندب له الذكر وأفضله سورة " الكهف " ثم الصلاة على النبي A أن تكون الخطبة على منبر فإن لم يكن فعلى شيء مرتفع عن مستوى القوم وأن يكون المنبر عن يمين من يستقبل المحراب وأن يسلم الخطيب على من كان عند المنبر قبل الصعود عليه إن خرج من الخلوة المعهودة فإن دخل من باب المسجد سلم على كل من مر عليه كغيره وأن يقبل عليهم إذا صعد فوق المنبر وأن يجلس على المنبر قبل الخطبة الأولى وأن يسلم على القوم قبل أن يجلس أما رد القوم السلام عليه كلما سلم فواجب وأن يؤذن واحد بين يدي الخطيب لا جماعة . وإلا كره وأما الأذان الذي قبله على المنارة فسنة إن توقف اجتماع الناس لها عليه وأن تكون الخطبة فصيحة قريبة منفهم العامة متوسطة بين الطوب والقصر يسراه بسيف ولو من خشب أو عصا أو نحو ذلك ويشغل يمناه بحرف المنبر .
الحنابلة قالوا : سنن الخطبة هي أن يخطب الخطيب على منبر أو موضع مرتفع وأن يسلم على المأمومين إذا خرج عليهم وأن يسلم عليهم أيضا بعد أن يصعد على المنبر ويقبل عليهم بوجهه وأن يجلس حتى يؤذن المؤذن بين يديه وأن يجلس بين الخطبتين قليلا بقدر سورة " الإخلاص " وأن يخطب قائما وأن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا . وأن يستقبل بخطبته جهة وجهه فلا يلتفت يمينا أو شمالا وأن يقصر الخطبتين وأن تكون الأولى أطول من الثانية وأن يرفع صوته بهما حسب طاقته وأن يدعو للمسلمين ويباح الدعاء لواحد معين كولي الأمر أو ابنه أو أبيه ونحو ذلك وأن يخطب من صحيفة .
المالكية قالوا : يسن للإمام أن يجلس على المنبر قبل الخطبة الأولى حتى يفرغ المؤذن من الأذان وأن يجلس بين الخطبتين قليلا وقدره بعضهم بقراءة سورة " الإخلاص " ويندب أن تكون الخطبة على منبر والأفضل أن لا يصعد إلى أعلاه لغير حاجة بل يقتصر في الصعود على قدر ما يتمكن من إسماع الناس وأن يسلم على الناس حال خروجه للخطبة وأصل البدء بالسلام سنة وكونه حال الخروج وهو المندوب ويكره أن يؤخر السلام إلى صعوده على المنبر فلو فعل فلا يجب على سامعه الرد عليه وأن يعتمد حال الخطبتين على عصا ونحوها وابتداء كل من الخطبتين بالحمد والثناء على الله تعالى وأن يبتدئهم بعد الحمد بالصلاة والسلام على رسول الله A وختم الأولى بشيء من القرآن وختم الثانية بقول : يغفر الله لنا ولكم ويقوم مقام ذلك : اذكروا الله يذكركم واشتمالهما على الأمر بالتقوى والدعاء لجميع المسلمين والترضي على الصحابة ويستحب الدعاء لولي الأمر بالنصر على الأعداء وإعزاز الإسلام به ويستحب أيضا الطهارة في الخطبتين وأن يدعو فيهما بإجزال النعم ودفع النقم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض والأدواء وجاز الدعاء لولي الأمر بالعدل والإحسان ويندب أن يزيد في الجهر حتى يسمع القوم الخطبة وأن يكون جهره في الثانية أقل من جهره في الأولى وأن تكون الثانية أقصر من الأولى وأن يخفف الخطبتين .
الحنفية قالوا : يسن للخطبة أمور : بعضها يرجع إلى الخطيب وبعضها يرجع إلى نفس الخطبة فيسن للخطيب أن يكون طاهرا من الحدثين الأكبر والأصغر فإن لم يكن كذلك صحت مع الكراهة ويندب إعادة خطبة الجنب إن لم يطل الفصل وأن يجل الخطيب على المنبر قبل الشروع في الخطبة وأن يخطب وهو قائم فلو خطب قاعدا أو مضطجعا أجزأه مع الكراهة وأن يعتمد على سيف متكئا عليه بيده اليسرى في البلاد التي فتحت عنوة بخلاف البلاد التي فتحت صلحا فإنه يخطب فيها بدون سيف وأن يستقبل القوم بوجهه فلا يلتفت يمينا ولا شمالا وأن يخطب خطبتين إحداهما سنة والأخرى شرط لصحة الجمعة : كما تقدم وأن يجلس بينهما بقدر ثلاث آيات على المذهب فلو ترك الجلوس أساء وأن يبدأ الأولى منهما بالتعوذ في نفسه ثم يجهر فيها بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله والشهادتين والصلاة والسلام A والعظة بالزجر عن المعاصي والتخويف والتحذير مما يوجب مقت الله تعالى وعقابه وسبحانه والتذكير بما به النجاة في الدنيا والآخرة وقراءة آية من القرآن ويبدأ الثانية بالحمد لله والثناء عليه . والصلاة والسلام على رسوله ويدعو فيها للمؤمنين والمؤمنات ويستغفر لهم أما الدعاء للملك والأمير بالنصر والتأييد والتوفيق لما فيه مصلحة رعيته ونحو ذلك فإنه مندوب لأن أبا موسى الأشعري كان يدعو لعمر في خطبته ولم ينكر عليه أحد من أصحاب النبي A .
ويسن للخطيب أيضا أن يجلس في ناحية خلوته ويكره له أن يسلم على القوم وأن يصلي في المحراب قبل الخطبة وأن يتكلم في الخطبتين بغير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )