وتجوز صلاة النافلة على الدابة بلا عذر على تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط ( الشافعية قالوا : صلاة النافلة على الدابة جائزة إلى الجهة التي يقصدها المسافر ولا يجوز له الانحراف عنها إلا للقبلة فإن انحراف لغير القبلة عالما عامدا بطلت صلاته . وإنماتجوز بشرط السفر ولو لم يكن سفر قصر ويصليها صلاة تامة بركوع وسجود . إلا إذا الشافعية قالوا : عليه ذلك فإنه يومئ بركوعه وسجوده بحيث يكون انحناء السجود أخفض من انحناء الركوع إن سهل وإلا فعل ما أمكنه ويجب عليه فيها استقبال القبلة إن لم يشق عليه . فإن شق عليه استقبالها في كل الصلاة وجب عليه أن يستقبلها عند افتتاح الصلاة بتكبيرة الإحرام فإن شق عليه ذلك أيضا سقط استقبال القبلة بشروط ستة : الأول : أن يكون السفر مباحا الثاني : أن يقصد السفر إلى مكان لا يسمع فيه نداء الجمعة . الثالث : أن يكون السفر لغرض شرعي كالتجارة الرابع : دوام السفر حتى يفرغ من الصلاة التي شرع فيها فلو قطع السفر وهو يصلي لزمه استقبالها الخامس : دوام السير فلو نزل أو وقف للاستراحة في أثناء الصلاة لزمه الاستقبال ما دام غير سائر السادس : ترك فعل الكثير بلا عذر كالركض والعدو بلا حاجة في أثناء الصلاة المذكورة أما إن كان لحاجة فلا يضر ويجب أن يكون مكانه على الدابة طاهرا بخلاف ما إذا بالت الدابة أو دمي فمها أو وطئت نجاسة رطبة : فإن كان زمامها بيده بطلت صلاته وإلا فلا أما إن كانت النجاسة جافة فإن فارقتها الدابة حالا صحت الصلاة وإلا فلا تصح ومن جعل دابته تطأ نجاسة بطلت صلاته مطلقا ويجوز للمسافر أن يتنفل ماشيا فإن كان في غير وحل لزمه إتمام الركوع والسجود والتوجه فيهما إلى القبلة كما يجب عليه التوجه إليها عند إحرامه والجلوس بين السجدتين ولا يمشي إلا في قيامه واعتداله من الركوع قائما وتشهده وسلامه كذلك ومن كان ماشيا في نحو ثلج أو وحل أو ماء جاز له الإيماء بالركوع والسجود إلا أنه يلزمه استقبال القبلة فيهما والماشي إذا وطئ نجاسة عمدا في أثنائها بطلت صلاته مطلقا فإن وطئها سهوا صحت صلاته إن كانت جافة وفارقها حالا وإلا بطلت صلاته .
المالكية قالوا : يجوز للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة - وسيأتي بيانه - أن يصلي النفل ولو كان وترا على ظهر الدابة بشرط أن يكون راكبا لها ركوبا معتادا وله ذلك متى وصل إلى مبدأ قصر للصلاة على الأحوط ثم إن كان راكبا في " شقدف وتختروان " ونحوهما مما يتيسر في الركوع والسجود عادة صلى بالركوع والسجود قائما أو جالسا إن شاء بالإيماء ويقوم استقبال جهة السفر مقام استقبال القبلة وإن كان راكبا لأتان ونحوها صلى بالركوع والإيماء للسجود بشرط أن يكون الإيماء للأرض لا للسرج ونحوه وأن يحسر عمامته عن جبهته ولا تشترط طهارة الأرض التي يومئ لها . ولا يجب عليه استقبال القبلة أيضا . ويكفيه استقبال جهة السفر فلو انحرف عنها عمدا لغير ضرورة بطلت صلاته . إلا إن كان الانحراف للقبلة فتصح لأن القبلة هي الأصل ويندب للمسافر المذكور أن يبدأ صلاته لجهة القبلة ولا يجب ولو تيسر أما الماشي والمسافر سفرا لا تقصر فيه الصلاة لكونه قصيرا أو غير مباح مثلا وكذا راكب الدابة ركوبا غير معتاد - كالراكب مقلوبا - فلا تصح صلاته إلا بالاستقبال والركوع والسجود . ويجوز للمتنفل على الدابة أن يفعل ما لا بد منه من ضرب الدابة بسوط ونحوه وتحريك رجله وإمساك زمامها بيده ولكنه لا يتكلم ولا يلتفت وإذا شرع في الصلاة على ظهرها ثم وقف فإن نوى إقامة تقطع حكم السفر نزل وتمم بالأرض بالركوع والسجود وغلا خفف القراءة وأتم على ظهرها وأما الفرض على ظهر الدابة ولو كان نفلا منذورا فلا يصح إلا في الهودج ونحوه بشرط استقبال القبلة والركوع والسجود والقيام أما على الأتان ونحوها فلا يصح إلا لضرورة كما تقدم في مباحث " استقبال القبلة في صلاة الفرض " .
الحنفية قالوا : تندب الصلاة على الدابة إلى أي جهة توجهت إليها دابته فلو صلى إلى جهة غير التي توجهت إليها دابته لا تصح لعدم الضرورة ولا يشترط في ذلك السفر بل يتنفل المقيم بلا عذر متى جاوز المصر إلى المحل الذي يجوز للمسافر فيه الصلاة فيه وينبغي أن يومئ لأن الصلاة على الدابة شرعت بالإيماء فلو سجد على شيء وضعه أو سجد على السرج اعتبر سجوده إيماء إن كان أخفض من الركوع ولا يشترط استقبال القبلة في ابتداء الصلاة لأنها لما جازت إلى غير جهة الكعبة جاز الافتتاح إلى غير جهتها نعم يستحب ذلك مع عدم المشقة ويجوز أن يحث دابته على السير بالعمل القليل كما يجوز له أن يفتتح صلاته على الدابة ثم ينزل عنها بالعمل القليل ويتمها بانيا على ما صلاه أما إذا افتتح الصلاة وهو على الأرض فلا يجوز له أن يتمها بانيا على ظهر الدابة ولو افتتح صلاته خارج المصر ثم دخل المصر أتم على الدابة وأما صلاة الفرض والواجب وسنة الفجر فإنها لا تجوز على الدابة إلا لضرورة كخوف من لص أو سبع على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل وقد تقدم بيانه في " استقبال القبلة " ولا يمنع صحة الصلاة على الدابة نجاسة كثيرة عليها . ولو كانت في السرج والركابين في الأصح ولا يجوز للماشي أن يتنفل ماشيا بل يقف إذا أراد التنفل ويؤدي الصلاة تامة .
الحنابلة قالوا : يجوز للمسافر سفرا مباحا إلى جهة معينة سواء كان سفر قصر أو لا أن يتنفل على ظهر الدابة أو على الأرض إذا كان ماشيا ويجب على المتنفل على الدابة أن يركع ويسجد ويستقبل القبلة في جميع الصلاة متى أمكنه ذلك بلا مشقة . فإن شق عليه شيء من ذلك فلا يجب فيستقبل جهة سفره إن شق عليه استقبال القبلة ويومئ للركوع أو السجود إن تعسر واحد منهما ويلزم أن يكون الإيماء للسجود أخفض من الإيماء للركوع إن تيسر وأما الماشي فيلزمه افتتاح الصلاة إلى جهة القبلة . وأن يركع ويسجد بالأرض إلى جهة القبلة أيضا ويفعل باقي الصلاة وهو ماس مستقبلا جهة مقصده ومن كان يتنفل على الدابة وهو ماش وكان مستقبلا جهة مقصده ثم عدلت به دابته أو عدل هو عنها فإن كان العدل لجهة القبلة صحت وإن كان لغيرها فإن كان لغير عذر بطلت صلاته مطلقا وإن كان لعذر وطال العدول عرفا بطلت وإلا فلا ويشترط طهارة ما تحت الراكب المتنفل من برذغة ونحوها بخلاف الحيوان فلا تشترط طهارته أما من سافر ولم يقصد جهة معينة وكذا من سافر سفرا مكروها أو محرما فإنه يلزمه كل ما يلزم في الصلاة من استقبال القبلة وغيرها )