قد اختلفت آراء المذاهب في معاني السنة والمندوب والمستحب والفضيلة فمنهم من قال : إنها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد وهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ومنهم من قال : إن السنة غير المندوب والمستحب لأن طلبها أكد وعلى كل حال فإن فاعلها يثاب وتاركها لا يعاقب ومنهم من قال : إن السنة غير المندوب والمستحب ثم قسم السنة إلى مؤكدة وغير مؤكدة وقال : إن ترك السنة المؤكدة يوجب العقاب بالحرمان من شفاعة النبي يوم القيامة وإن كان تاركها لا يعذب بالنار فلذا رأينا أن نذكر لك تعريف السنة وما في معناها مفصلة في المذاهب أولا ثم نذكر لك سنن الصلاة مجتمعة بعد ذلك في كل مذهب ثم نبين المتفق عليه والمختلف فيه ليسهل ضبطه وحفظه في المذاهب .
( الشافعية قالوا : السنة والمندوب والمستحب والتطوع ألفاظ مترادفة بمعنى واحد وهو ما يطلب من المكلف أن يفعله طلبا غير جازم فإذا فعله يثاب على فعله وإذا تركه لا يعاقب على تركه ثم إنهم يقسمون السنة إلى قسمين : الأول : سنة عين وهي ما يطلب فعله بخصوصه من المكلف . طلبا غير جازم . ولا يختص به واحد من المكلفين دون الآخر وذلك كسنن فرائض الصلاة الثاني : سنة كفاية . وهي ما يخاطب بها مجموع المطلفين . بحيث إذا أتى بها بعضهم سقطت عن الباقين وذلك كما إذا كان جماعة يأكلون فأتى واحد منهم بالتسمية . فإنها تسقط عن الباقين . ولكن يختص هو بالثواب دونهم .
المالكية قالوا : السنة هي ما طلبه الشارع وأكد أمره وعظم قدره وأظهره في الجماعة ولم يقم دليل على وجوبه . ويثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها . وهي بخلاف المندوب عندهم . فإنه ما طلبه الشارع . ولم يؤكد طلبه . وإذا فعله المكلف يثاب وإذا تركه لا يعاقب ويعبرون عن المندوب بالفضيلة . ويمثلون لذلك بصلاة أربع ركعات قبل الظهر . وغير ذلك . مما ستعرفه في " مندوبات الصلاة " .
الحنفية قالوا : تنقسم السنة إلى قسمين : الأول : سنة مؤكدة . وهي بمعنى الواجب عندهم . لأنهم يقولون : إن الواجب أقل من الفرض . وهو ما ثبت بدليل فيه سبهة ويسمى فرضا عمليا . بمعنى أنه يعامل معاملة الفرائض في العمل . فيأثم بتركه . ويجب فيه الترتيب والقضاء ولكن لا يجب اعتقاد أنه فرض وذلك كالوتر فإنه عندهم فرض عملا لا اعتقادا فيأثم تاركه ولا يكفر منكر فرضيته بخلاف الصلوات الخمس فإنها فرض عملا واعتقادا فيأثم تاركها ويكفر منكرها على أن تارك الواجب عند الحنفية لا يأثم إثم تارك الفرض فلا يعاقب بالنار على التحقيق بل يحرم من شفاعة الرسول E وبذلك تعلم أن الحنفية إذا قالوا : هذه سنة مؤكدة فإنما يريدون بها الواجب الذي ذكرنا ومن أحكامها أنها إذا تركت في الصلاة سهوا تجبر بالسجود الثاني سنة غير مؤكدة ويسمونها مندوبا ومستحبا وهي ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه .
الحنابلة قالوا : السنة والمندوب والمستحب ألفاظ مترادفة بمعنى واحد وهو ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه كما قال الشافعية إلا أنهم يقسمون السنة إلى مؤكدة وغير مؤكدة فالمؤكد كالوتر وركعتي الفجر والتراويح وتركها عندهم مكروه أما ترك غير المؤكدة فليس بمكروه )