يتعلق بها مباحث : أولا : تعريفها ثانيا : حكمها ثالثا : شروطها وما يتعلق بها أما تعريفها فهي ما يجعله المصلي أمامه من كرسي أو عصا أو حائط أو سرير : أو غير ذلك ليمنع مرور أحد بين يديه وهو يصلي ولا فرق بين أن تكون السترة مأخوذة من شيء ثابت كالجدار والعمود أولا عند الأئمة الثلاثة وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط ( الشافعية قالوا : إن مراتب السترة أربع لا يصح الانتقال عن مرتبة منها إلى التي تليها إلا إذا لم تسهل الأولى فالمرتبة الأولى : هي الأشياء الثابتة الطاهرة كالجدار والعمد والمرتبة الثانية : العصا المغروزة ونحوها كالأثاث إذا جمعه أمامه بقدر ارتفاع السترة المرتبة الثالثة : المصلى التي يتخذها للصلاة عليها من سجادة وعباءة ونحوهما بشرط أن لا تكون من فرش المسجد فإنها لا تكفي في السترة المرتبة الرابعة : الخط في الأرض بالطول أو بالعرض وكونه بالطول أولى يشترط في المرتبة الأولى والثانية أن تكون ارتفاع ثلثي ذراع فأكثر وأن لا يزيد ما بينهما وبين المصلي عن ثلاثة أذرع فأقل من رؤوس الأصابع بالنسبة للقائم ومن الركبتين بالنسبة للجالس ويشترط في المرتبة الثالثة والرابعة أن يكون امتدادهما جهة القبلة ثلثي ذراع فأكثر وأن لا يزيد ما بين رؤوس الأصابع ونهاية ما وضعه من جهة القبلة عن ثلاثة أذرع ) .
وأما حكمها فهو الندب فيندب للمصلى اتخاذ هذه السترة باتفاق وقد عرفت أن الشافعية والحنابلة لا يفرقون بين المندوب والسنة فيقولون : إن اتخاذ السترة سنة كما يقولون : إنه مندوب على أن الحنفية والمالكية الذين يقولون : إن اتخاذ السترة مندوب أقل من السنة فإنهم يقولون : إذا صلى شخص في طريق الناس بدون سترة ومر أحد بين يديه بالفعل يأثم لعدم احتياطه بصلاته في طريق الناس أما الشافعية والحنابلة فإنهم يقولون لا إثم فيه وإنما يكره فقط كما سيأتي في المبحث الذي بعد هذا وترك السترة لا إثم فيه باتفاق وإنما يندب اتخاذ السترة للإمام والمنفرد أما المأموم فلا يندب له لأن سترة الإمام سترة المأموم وأما شروطها فهي مختلفة في المذاهب فانظرها تحت الخط ( الحنفية قالوا : يشترط في السترة أمور : أحدها : أن تكون طول ذراع فأكثر أما غلظها فلا حد لأقله فتصح بأي ساتر ولو كان في غلظ القلم ونحوه ثانيها : أن تكون مستقيمة فلا تصح السترة إذا كانت مأخوذة من شيء به اعوجاج ثالثها : أن تكون المسافة بينها وبين قدم المصلي قدر ثلاثة أذرع فإذا وجد المصلي ما يصلح أن يكون سترة ولكنه لم يمكنه أن يغرزه في الأرض لصلابتها فإنه يصح أن يضعه بين يديه عرضا أو طولا ولكن وضعه عرضا أفضل فإن لم يجد المصلي شيئا يجعله سترة فإنه يخط بالأرض خطا في شكل الهلال وإذا خط خطا مستقيما أو معوجا فإنه يصح ولكن الشكل الأول أفضل ويصح أن يستتر بظهر الآدمي فلو كان أمام المصلي شخص جالس فله أن يصلي إلى ظهره ويجعله سترة أما إذا كان جالسا ووجهه إلى المصلي فإنه لا يصح الاستتار به بشرط أن لا يكون الآدمي كافرا أو امرأة أجنبية وإذا كان يملك المصلي سترة مغصوبة أو نجسة فإنه يصح أن يستتر بها وإن كان الغصب حراما .
الشافعية قالوا : يشترط في السترة أن تكون ثلثي ذراع على الأقل طولا وأما غلظها فلا حد لأقله كما يقول الحنفية والحنابلة وخالف المالكية كما ستعرفه من مذهبهم وأن تكون مأخوذة من شيء مستويا مستقيما كما يقول الحنفية والحنابلة أيضا وأن يكون بينها وبين المصلي قدر ثلاثة أذرع من ابتداء قدميه وفاقا للحنفية والحنابلة وخلافا للمالكية الذين قالوا : يكفي أن يكون بين المصلي وسترته قدر مرور الشاة زائدا على محل ركوعه أو سجوده بل يكفي أن يكون قدر مرور الهرة وتسن السترة للمصلي سواء خاف أن يمر أحد بين يديه أو لا وفاقا للحنابلة وخلافا للمالكية والحنفية فإن وجد ما يصلح أن يكون سترة وتعذر غرزة بالأرض لصلابتها فإنه يضعه بين يديه عرضا أو طولا ووضعه بالعرض أولى كما يقول الحنفية والحنابلة وخالف المالكية فقالوا : لا يكفي وضعه على الأرض طولا أو عرضا بل لا بد من وضعه منصوبا فإن لم يجد شيئا أصلا فإنه يخط خطا بالأرض مستقيما عرضا أو طولا بل لا بد من وضعه منصوبا فإن لم يجد شيئا أصلا فإنه يخط خطا بالأرض مستقيما عرضا أو طولا وكونه بالطول أولى وهذا الحكم قد خالف فيه الشافعية باقي الأئمة الذين قالوا : إن الأولى أن يكون الخط مقوسا كالهلال ولا يصح الاستتار بظهر الآدمي أو بوجهه مطلقا عند الشافعية خلافا للمالكية والحنفية الذين قالوا : يصح الاستتار بظهر الآدمي دون وجهه وخلافا للحنابلة الذين قالوا : يصح الاستتار بظهر الآدمي وبوجهه ويصح الاستتار بالسترة المغصوبة وفاقا للحنفية والمالكية وخلافا للحنابلة الذين قالوا : لا يصح الاستتار بالسترة المغصوبة والصلاة إليها مكروهة وكذا يصح الاستتار بالسترة النجسة وفاقا للأئمة ما عدا المالكية الذين قالوا : لا يصح الاستتار بشيء نجس أو متنجس كقصبة المرحاض ونحوها .
المالكية قالوا : يشترط في السترة أن تكون طول ذراع فأكثر وأن لا تقل عن غلظ الرمح وأن يكون بين المصلي وبين سترته قدر مرور الهرة أو الشاة زائدا على محل ركوعه وسجوده وأن تكون منصوبة . فو تعذر غرزها بالأرض لصلابتها فإنه لا يكفي وضعها بين يديه عرضا أو طولا ويصح الاستتار بظهر الآدمي لا بوجهه بشرط أن لا يكون كافرا ولا امرأة أجنبية ويصح الاستتار بالسترة المغصوبة وإن كان الغصب حراما أما السترة النجسة فإنه لا يصح الاستتار بها وإن لم يجد شيئا يجعله سترته . فإنه يخط بالأرض خطا والأولى أن يكون الخط مقوسا كالهلال ولا فرق بين أن تكون السترة جدارا أو عصا أو كرسيا أو نحو ذلك باتفاق وقد ذكرنا لك المتفق عليه والمختلف فيه في مذهب الشافعية قبل هذا فارجع إليه إن شئت .
الحنابلة قالوا : يشترط في السترة أن تكون طول ذراع أو أكثر ولا حد لغلظها كما يقول الحنفية والشافعية وأن تكون مستوية مستقيمة فلا تصح بشيء معوج وأن يكون بينها وبين قدمي المصلي ثلاثة أذرع وإذا لم يمكن أن يغرز السترة في الأرض لصلابتها فإنه يضعها بين يديه عرضا وهو أولى من وضعها طولا وإن لم يجد شيئا أصلا خط بالأرض خطا كالهلال وهو أولى من غيره من الخطوط ويصح الاستتار وبظهر الآدمي ووجهه بشرط أن يكون مسلما وأن لا تكون امرأة أجنبية ولا يصح الاستتار بالسترة المغصوبة أما النجسة فيصح السترة بها )