اتفق ثلاثة من الأئمة على أنه يفترض على المصلي أن يجلس بين كل سجدتين من صلاته فلو سجد مرة ثم رفع رأسه ولم يجلس وسجد ثانيا فإن صلاته لا تصح وخالف الحنفية في ذلك فقالوا : إن الجلوس بين السجدتين ليس فرضا في الصلاة فانظر مذهبهم تحت الخط ( الحنفية قالوا : الجلوس بين السجدتين ليس بفرض . وهل هو واجب أقل من الفرض أو سنة غير مؤكدة ؟ فبعضهم يقول : إنه واجب . وهو ما يقتضية الدليل . وبعضهم يقول : إنه سنة ) . وقد استدل القائلون بفرضية الجلوس بين السجدتين وغيره من الفرائض المتقدمة بما رواه البخاري ومسلم من أن النبي A رأى رجلا يصلي صلاة ناقصة فعلمه كيف يصلي فقال له : " إذا قمت إلى الصلاة فكبر . ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " وفي بعض الروايات " فاقرأ بأم القرآن " وقال : " ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما . ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا . ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم ارفع حتى تعتدل قائما . ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا . ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " وقد عرفت أن الحنفية لم يوافقوا على أن الجلوس فرض وكذا لم يوافقوا على أن قراءة الفاتحة فرض وقالوا : إن الحديث المذكور لا يدل على الفرضية وإنما يدل على أن النبي A يريد تعليم الرجل الصلاة الكاملة المشتملة على الفرائض والواجبات والسنن وليس المقام محتملا للشرح والبيان . ولهذا لم يذكر في الحديث النية والقعود الأخير مع أنه فرض باتفاق وكذلك لم يذكر التشهد الأخير مع أنه فرض عند بعض الأئمة وكذلك لم يشتمل الحديث على أشياء كثيرة كالتعوذ ونحوه . فدل ذلك كله على أن الغرض إنما هو تعليم الرجل كيفية الصلاة بطريق عملي حتى إذا تعلمها أمكنه أن يفهم ما هو فرض وما هو واجب أو مسنون أما الأئمة الآخرون فقد قالوا : إن طلب هذه الأعمال من الرجل دليل على فرضيتها وإنما لم يذكر له باقي الفرائض لأن الرجل قد أتى بها وهذا حسن إذا دل عليه دليل في الحديث ولكن أين الدليل ؟ على أن الاحتياط إنما هو في اتباع رأي الأئمة الثلاثة خصوصا أن الحنفية قالوا : إنها واجبة بمعنى أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم كما تقدم