هذه الفرائض الأربعة متصلة ببعضها وقد اتفق على فرضيتها ثلاثة من الأئمة وخالف الحنفية في فرضيتها بل قالوا : إن الرفع من الركوع والطمأنينة والاعتدال من واجبات الصلاة لا من فرائضها . بحيث لو تركها المصلي لا تبطل صلاته ولكنه يأثم إثما صغيرا كما تقدم بيانه غير مرة ولكنهم قالوا : إن لرفع من السجود فرض وقد بينا كل مذهب في هذا تحت الخط ( الحنفية قالوا : الرفع من الركوع والاعتدال والطمأنينة من واجبات الصلاة لا من فرائضها الا أنهم فصلوا فيها فقالوا : الطمأنينة وهي تسكين الجوارح التي تطمئن المفاصل ويستوي كل عضو في مقره بقدر تسبيحة على الأقل واجبة في الركوع والسجود وكذا في كل ركن قائم بنفسه ويعبرون عن ذلك بتعديل الأركان والواجب في الرفع من الركوع هو القدر الذي يتحقق به معنى الرفع وما زاد على ذلك إلى أن يستوي قائما وهو المعبر عنه بالاعتدال فهو سنة على المشهور أما الرفع من السجود فإنه فرض ولكن القدر المفروض منه هو أن يكون إلى القعود أقرب وما زاد على ذلك إلى أن يستوي جالسا فهو سنة على المشهور .
الشافعية قالوا : إن الرفع من الركوع هو أن يعود إلى الحالة التي كان عليها قبل أن يركع من قيام أو قعود مع طمأنينة فاصلة بين رفعه من الركوع وهو به للسجود : وهذا هو الاعتدال عندهم وأما الرفع من السجود الأول وهو المسمى بالجلوس بين السجدتين فهو أن يجلس مستويا مع طمأنينة بحيث يستقر كل عضو في موضعه فلو لم يستو لم تصح صلاته وإن كان إلى الجلوس أقرب ويشترط أن لا يطيل الاعتدال في الرفع من الركوع والسجود فلو أطال زمنا يسع الذكر الوارد في الاعتدال وقدر الفاتحة في الرفع من الركوع ويسع الذكر الوارد في الجلوس وقدر أقل التشهد بطلت صلاته ويشترط أيضا أن لا يقصد بالرفع من الركوع أو السجود غيره فلو رفع من أحدهما لفزع فإنه لا يجزئه بل يجب عليه أن يعود إلى الحالة التي كان عليها من ركوع أو سجود . بشرط أن لا يطمئن فيهما إن كان قد اطمأن . ثم يعيد الاعتدال .
المالكية قالوا : حد الرفع من الركوع هو ما يخرج به عن انحناء الظهر إلى اعتدال . أما الرفع من السجود فإنه يتحقق برفع الجبهة عن الأرض . ولو بقيت يداه بها على المعتمد وأما الاعتدال وهو أن يرجع كما كان فهو ركن مستقل في الفصل بين الأركان فيجب بعد الركوع وبعد السجود وحال السلام وتكبيرة الإحرام وأما الطمأنينة فهي ركن مستقل أيضا في جميع أركان الصلاة وحدها استقرار الأعضاء زمنا ما زيادة على ما يحصل به الواجب من الاعتدال والانحناء وكل ذلك لازم لا بد منه في الصلاة عندهم .
الحنابلة قالوا : إن الرفع من الركوع هو أ يفارق القدر المجزئ منه بحيث لا تصل يداه إلى ركبتيه وأما الاعتدال منه أن يستوي قائما بحيث يرجع كل عضو إلى موضعه والرفع من السجود هو أن تفارق جبهته الأرض والاعتدال فيه هو أن يجلس مستويا بعده بحيث يرجع كل عضو إلى أصله . وقد عرفت أنهم متفقون مع المالكية والشافعية : على أن الرفع من الركوع والسجود والطمأنينة والاعتدال من فرائض الصلاة )