قد عرفت أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن تكبيرة الإحرام مركبة من لفظين وهما : الله أكبر بخصوصهما بحيث لو افتتح الصلاة بغير هذه الجملة فإنه صلاته لا تصح وخالف الحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط ( الحنفية قالوا : لا يشترط افتتاح الصلاة بلفظة : الله أكبر إنما الافتتاح بهذا اللفظ واجب لا يترتب على تركه بطلان الصلاة في ذاتها بل يترتب عليه إثم تارك الواجب وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض وأن تاركه يأثم إثما لا يوجب العذاب بالنار وإنما يوجب الحرمان من شفاعة النبي A يوم القيامة وكفى بذلك زجرا للمؤمنين ومن هذا تعلم أن افتتاح الصلاة بهذه الصفة مطلوب عند الحنفية كما هو مطلوب عند غيرهم الا أن الحنفية قالوا : لا تبطل الصلاة بتركه ولكن تركه يوجب إعادة الصلاة . فإن لم يعدها سقط عنه الفرض وأثم ذلك الإثم الذي لا يوجب العذاب .
أما الصيغة التي تتوقف عليها صحة الصلاة عندهم فهي الصيغة التي تدل على تعظيم الله D وحده بدون أن تشتمل على دعاء ونحوه فكل صيغة تدل على ذلك يصح افتتاح الصلاة بها كأن يقول : سبحان الله أو يقول : الحمد لله أو لا إله الا الله أو يقول : الله رحيم أو الله كريم . ونحو ذلك من الصيغ التي تدل على تعظيم الإله جل وعز خاصة فلو قال : استغفر الله أو أعوذ بالله أولا حول ولا قوة الا بالله فإن صلاته لا تصح بذلك لأن هذه الكلمات قد اشتملت على شيء آخر سوى التعظيم الخالص وهو طلب المغفرة والاستعاذة ونحو ذلك .
هذا ولا بد أن يقرن هذه الأوصاف بلفظ الجلالة : فلو قال : كريم أو رحيم أو نحو ذلك فإنه لا يصح ولو ذكر الاسم الدال على الذات دون الصفة كأن يقول : الله أو الرحمن أو الرب ولم يزد عليه شيئا فقال أبو حنيفة : إنه يصح وقال صاحباه : لا . أما الأدلة التي تقدم ذكرها فإنها لا تدل الا على ذلك فقوله تعالى : { وربك فكبر } ليس معناه الإتيان بخصوص التكبير بل معناه : عظم ربك بكل ما يفيد تعظيمه وكذلك التكبير الوارد في الحديث وإنما قلنا : إن الإتيان بخصوص التكبير واجب لأن النبي A واظب على الإتيان به ولم يتركه .
هذا هو رأي الحنفية وقد عرفت أن الأئمة الثلاثة اتفقوا على أن تكون بلفظ : الله أكبر كما هو الظاهر من هذه الأدلة وقد أيده النبي A بعمله )