الصلاة إما أن تكون فرض عين كالصلوات الخمس وإما أن تكون فرض كفاية كصلاة الجنازة والصلاة المنذورة وإما أن تكون سنة مؤكدة أو غير مؤكدة على التفصيل المتقدم في صحيفة 64 .
فأما نية الصلاة المفروضة ففي كيفيتها تفصيل المذاهب .
( الحنفية قالوا : يتعلق بهذا المبحث أمور : أحدها : أنه يفترض على كل مكلف أن يعلم أن الله فرض عليه خمس صلوات فإذا كان جاهلا بالصلوات المفروضة فإن صلاته لا تصح ولو كان يصليها في أوقاتها الا إذا صلى مع الإمام . ونوى صلاة إمامه . فإن علم أن عليه صلاة مفروضة ولكن لم يميز الفرض من الواجب والسنة وصلاها كلها بنية الفرض فإن صلاته تصح ومثل هذا كثير بين العامة على أن صلاتهم بهذه الكيفية وإن كانت صحيحة ولكن يلزمهم أن يتعلموا الفرق بين الفرض وغيره ولا يستمروا على جهلهم بأمور دينهم الضرورية في هذا الزمن الذي يسهل فيه عليهم أن يحضروا دروس الفقه في المساجد وغيرها ثانيها : كيفية النية وكيفية النية في الفرض : هي أن يعلم المصلي بقلبه الصلاة التي يصليها من ظهر أو عصر أو مغرب أو عشاء أو صبح . فمتى علم ذلك فإنه يكون قد أتى بالنية التي هي شرط لازم لصحة الصلاة . ثم إن كانت الصلاة في وقتها فإنه يكفي تعيين الوقت كما ذكرنا بدون زيادة بحيث لو نوى صلاة الظهر أو العصر أو غيرهما من الفرائض فإنه صلاته تصح فلا يلزمه أن ينوي ظهر اليوم أو ظهر الوقت وبعضهم يقول : بل يلزمه أن ينوي ظهر اليوم أو ظهر الوقت وذلك لأن وقت الصلاة يقبل صلاة فرض آخر قضاء فلو نوى صلاة الظهر يحتمل أنه يريد ظهر اليوم ويحتمل أنه يريد صلاة ظهر آخر كان عليه والرأيان مصححان على أن الأحوط أن ينوي ظهر اليوم أو عصر اليوم .
هذا إذا كانت الصلاة في وقتها أما إذا كانت خارج الوقت فإن كان جاهلا بخروج الوقف فإنه يكفي أن ينوي صلاة الظهر أو العصر بدون قيد على الأربجح وإن كان عالما بخروج الوقت فقيل يكفي وقيل : لا وعلى كل حال فالأحوط أن يقيده باليوم فيقول : ظهر اليوم أو عصر اليوم ولو نوى صلاة الفرض بدون أن يعينه فإنه لا يكفيه ما لم يقيده بالوقت وذلك بأن ينوي صلاة فرض الوقت فإذا نوى صلاة فرض الوقت فإنه يصح بشرط أن تكون الصلاة في الوقت فإذا صلى بعد خروج الوقت وهو لا يعلم بخروجه ونوى فرض الوقت فإنه لا يصح .
والحاصل أنه لا بد في النية من تعيين الوقت الذي ينوي صلاته فإن كان يصلي في الوقت فإن التعيين يكون بنية نفس الفرض من ظهر أو عصر الخ وبعضهم يرى أن التعيين لا يكفي فيه ذلك بل لا بد من أن ينوي عصر اليوم أو مغرب اليوم وهكذا وإن كان يصلي بعد خروج الوقت وهو لا يدري أن الوقت قد خرج فمثله كمثل الذي يصلي في الوقت فإنه يكفي أن ينوي الظهر أو العصر بدون زيادة على الأرجح أما إن كان عالما بخروج الوقت فكذلك الحال فيه فبعضهم يقول : إنه يكتفي منه بنية صلاة الظهر أو العصر الخ بدون زيادة وبعضهم يرى أنه لا بد من أن ينوي ظهر اليوم .
هذا وإذا لم يعين الظهر أو العصر ولم يقيد باليوم . بل نوى صلاة الفرض فقط . فإنه لا يكفي باتفاق فإذا نوى فرض الوقت فإن نيته تصح إذا كانت صلاته في الوقت .
ثالثها : النية في صلاة الجنازة والصلاة الواجبة وهي شرط في صحتها . كما هي شرط في صحة الصلاة المفروضة فأما صلاة الجنازة فإنه يكفي أن ينوي فيها صلاة الجنازة ولكن النية الكاملة فيها هي أن ينوي صلاة الجنازة والدعاء للميت كما يأتي في " مباحث الجنازة " وينوي في الجمعة صلاة الجمعة وكما أن النية شرط في صحة الصلاة المفروضة عن الحنفية فكذلك هي شرط في صحة صلاة الواجب كالوتر وركعتي الطواف فإن النية شرط في صحتهما بأن ينوي الوتر وركعتي الطواف ومثل ذلك صلاة النفل الذي شرع فيه ثم أفسده فإذا شرع في صلاة ركعتين تطوعا ثم فسدت صلاته قبل تمامها فإنه يجب عليه إعادتهما وفي هذه الحالة تشترط النية لأن صلاتهما ثانيا أصبحت واجبة .
وبالجملة فالنية لازمة للصلوات المفروضة عينا وكفاية وللصلاة الواجبة وللصلاة المنذورة أما صلاة النفل فإنه لا يشترط لها النية كما يأتي : .
المالكية قالوا : لا بد من نية الفرض من تعيينه بأن يقصد صلاة الظهر أو العصر وهكذا فإن لم ينو فرضا معينا فإن صلاته لا تصح وسيأتي بيان حكم النية في النافلة .
الشافعية قالوا : يشترط للنية في صلاة الفرض ثلاثة شروط : أحدها : نية الفرضية بمعنى أن يقصد المصلي كون الصلاة التي يصليها فرضا يانيها : قصد فعل الصلاة بمعنى أنه يستحضر الصلاة ولو إجمالا ويقصد فعلها وإنما اشترطوا قصد فعل الصلاة لتتميز عن الأفعال الأخرى ثالثها : تعيين الصلاة التي يصليها من ظهر أو عصر رابعها : أن تكون نية الفرضية وقصد فعل الصلاة وتعيين الصلاة التي يصليها مقارنا لأي جزء من أجزاء تكبيرة الإحرام فإذا فقد شرط من هذه الشروط بطلب النية وبطلت الصلاة لأن النية فرض من فرائضها ولعل بعض الناس يجد صعوبة في هذا ولكن الواقع هو أن المصلي الذي يقف بين يدي خالقه لا يصخ له أن يقدم على مناجاته وهو ساه عن الفعل الذي يريد أن يعبده به فعليه أولا أن ينوي الفرض لتتميز عنده الصلاة من أول الأمر ثانيا : أن يتسحضر الصلاة التي يريد فعلها . ولا يلزمه أن يستحضر صلاة ذات ركوع وسجود وقيام وجلوس وقراءة فإذا كان ذلك فرضا عليه من أول الأمر فإنه يساعده على الخشوع لربه أما كون هذا مقارنا لأي جزء من أجزاء تكبيرة الإحرام فعلته ظاهرة وهي أن يكون استحضار الصلاة مقارنا لأول جزء من أجزائها فيساعد على الخشوع .
هذا وإذا صلى شخص فرضا من فرائض الصلاة منفردا . ثم أراد أن يعيده في جماعة . فإنه يلزمه أن يعينه على الوجه المتقدم .
الحنابلة قالوا : لا بد في نية الفرض من التعيين . بأن ينوي صلاة الظهر أو العصر أو المغرب أو الجمعة وهكذا . فلا يكفي بأن ينوي مطلق الفرض . ولا يلزم أن يزيد على ذلك شيئا )