قد عرفت أن المراد بالفرائض ههنا الأجزاء التي إذا فقد منها جزء لم توجد الصلاة رأسا وإليك بيانها في كل مذهب من المذاهب الأربعة تحت الخط ( الحنفية : قسموا الركن إلى قسمين : ركن أصلي وركن زائد فالركن الأصلي هو الذي يسقط عند العجز عن فعله سقوطا تاما بحيث لا يطالب المكلف بالإتيان بشيء بدله وذلك معنى قولهم : الركن الأصلي ما يسقط عن المكلف عند العجز عن فعله بلا خلف أما الركن الزائد فهو ما يسقط في بعض الحالات ولو مع القدرة على فعله وذلك كالقراءة فإنها عندهم ركن من أركان الصلاة ومع ذلك فإنها تسقط عن المأموم لأن الشارع نهاه عنها .
فتحصل من ذلك أن ما يتوقف عليه صحة الصلاة منه ما هو جزء من أجزائها وهي الأربعة المذكورة ويزاد عليه القعود الأخير قدر التشهد فإنه ركن زائد على الراجح ومنه ما هو داخل فيها وليس جزءا منها كإيقاع القراءة في القيام ويقال له : شرط لدوام الصلاة ومنه ما هو خارج عن الصلاة ويقال له شرط لصحة الصلاة .
فأركان الصلاة المتفق عليها عندهم أربعة سواء كانت أصلية أو زائدة فالأصلية هي القيام والركوع والسجود والركن الزائد عندهم هو القراءة فقط وهذه الأركان الأربعة هي حقيقة الصلاة بحيث لو ترك الشخص واحدا منها عند القدرة فإنه لا يكون قد أتى بالصلاة . فلا يقال له : مصل وهناك أمور تتوقف عليها صحة الصلاة ولكنها خارجه عن حقيقة الصلاة وهذه الأمور تنقسم إلى قمسين : الأول : ما كان خارج ماهية الصلاة وهو الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة وجخول الوقت والنية والتحريمة وهي شرائط لصحة الشروع في الصلاة كغيرها مما سبق : والثاني : ما كان داخل الصلاة ولكنه ليس من حقيقتها كإيقاع القراءة في القيام وكون الركوع بعد القيام والسجود بعد الركوع . وهذه شرائط لدوام صحة الصلاة ويقد يعبرون عنها بفرائض الصلاة ويريدون بالفرض الشرط أما القعود الأخير قدر التشهد فهو فرض بإجماعهم ولكنهم اختلفوا في هل هو ركن أصلي أو زائد ورجحوا أنه ركن زائد لأن ماهية الصلاة تتحقق بدونه إذ لو حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود وإن لم يجلس فتتحقق ماهية الصلاة بدون القعود وأما الخروج من الصلاة بعمل ما ينافيها من سلام أو كلام أو نحو ذلك من مبطلات الصلاة فقد عده بعضهم من الفرائض والصحيح أنه ليس بفرض بل هو واجب .
المالكية قالوا : فرائض الصلاة خمسة عشر فرضا وهي : النية وتكبيرة الإحرام والقيام لها في الفرض دون النفل لأنه يصح الإتيان به من قعود ولو كان المصلي قادرا على القيام فتكبيرة الإحرام يصح الإتيان بها من قعود في هذه الحالة وقوراءة الفاتحة والقيام لها في صلاة الفرائض أيضا والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والسلام والجلوس بقدره والطمأنينة والاعتدال في كل من الركوع والسجود والرفع منهما وترتيب الأداء ونية اقتداء المأموم .
ومن هذا تعلم أن المالكية والحنفية اتفقوا في أربعة من هذه الفرائض وهي : القيام للقادر عليه والركوع والسجود أما القراءة فإن الحنفية يقولون : إن المفروض هو مجرد القراءة لا قراءة الفاتحة بخوصها والمالكية يقولون : إن الفرض هو قراءة الفاتحة فلو ترك الفاتحة عمدا فإنه لا يكون مصليا ووافقهم على ذلك الشافعية والحنابلة كما هو موضح في مذهبيهما وسيأتي تفصيل ذلك في " مبحث القراءة " .
الشافعية : عدوا فرائض الصلاة ثلاثة عشر فرضا خمسة فرائض قولية وثمانية فرائض فعلية فالخمسة القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي A والتسليمة الأولى : أما الثمانية الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض القادر عليه والركوع والاعتدال منه والسجود الأول والثاني والجلوس بينهما . والجلوس الأخير . والترتيب وأما الطمأنينية فهي شرط محقق للركوع والاعتدال والسجود والجلوس فهي لا بد منها وإن كانت ليست ركنا زائدا على الراجح .
الحنابلة : عدوا فرائض الصلاة أربعة عشر وهي : القيام في الفرض وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه والاعتدال والسجود والرفع منه والجلوس بين السجدتين والتشهد الأخير والجلوس له وللتسليمتين والطمأنينة في كل ركن فعلي وترتيب الفرائض والتسليمتان )