القبلة هي جهة الكعبة أو عين الكعبة فمن كان مقيما بمكة أو قريبا منها فإن صلاته لا تصح الا إذا استقبل عين الكعبة يقينا ما دام ذلك ممكنا فإذا لم يمكنه ذلك فإن عليه أن يجتهد في الاتجاه إلى عين الكعبة إذ لا يكفيه الاتجاه إلى جهتها ما دام بمكة على أنه يصح أن يستقبل هواءها المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها فإذا كان شخص بمكة على جبل مرتفع عن الكعبة . أو كان في دار عالية البناء ولم يتيسر له استقبال عين الكعبة فإنه يكفي أن يكون مستقبلا لهوائها المتصل بها ومثل ذلك ما إذا كان في منحدر أسفل منها فاستقبال هواء الكعبة المتصل بها من أعلى أو أسفل . كاستقبال بنائها عند الأئمة الثلاثة وخالف المالكية فانظر مذهبهم تحت الجدول ( المالكية قالوا : يجب على من كان بمكة أو قريبا منها أن يستقبل القبلة بناء الكعبة بحيث يكون مسامتا لها بجميع بدنه ولا يكفيه استقبال هوائها على أنهم قالوا : إن من صلى على جبل أبي قبيس فصلاته صحيحة بناء على القول المرجوح من أن استقبال الهواء كاف ) .
ومن كان بمدينة النبي A فإنه يجب عليه أن يتجه إلى نفس محراب المسجد النبوي . وذلك لأن استقبال عين محراب مسجد النبي A هو استقبال لعين الكعبة لأنه وضع بالوحي فكان مسامتا لعين الكعبة ولا يلزمه أن يستقبل عين الكعبة بل يصح أن ينتقل عن عين الكعبة إلى يمينها أو شمالها ولا يضر الانحراف اليسير عن نفس الجهة أيضا لأن الشرط هو أن يبقى جزء من سطح الوجه مقابلا لجهة الكعبة مثلا إذا استقبل المصلي في مصر الجهة الشرقية بدون انحراف إلى جهة اليمين فإنه يكون مستقبلا للقبلة لأن القبلة في مصر وإن كانت منحرفة إلى جهة اليمين ولكن ترك هذا الانحراف لا يضر لأنه لا تزول به المقابلة بالكلية فالمدار على استقبال جهة الكعبة أن يكون جزء من سطح الوجه مقابلا لها وهذا رأي ثلاثة من الأئمة وخالفها الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط ( الشافعية قالوا : يجب على من كان قريبا من الكعبة أو بعيدا عنها أن يستقبل عين الكعبة أو هواءها المتصل بها كما بيناه أعلى الصحيفة ولكن يجب على القريب أن يستقبل عينها أو هواءها يقينا بأن يراها أو يلمسها أو نحو ذلك مما يفيد اليقين أما من كان بعيدا عنها فإنه يستقبل عينها ظنا لا جهتها على المعتمد ثم إن الانحراف اليسير يبطل الصلاة إذا كان بالصدر بالنسبة للقائم والجالس فلو انحرف القائم أو الجالس في الصلاة بصدره بطلت أما إذا انحرف بوجهه فلا والانحراف بالنسبة للمضطجع يبطل الصلاة إذا كان بالصدر أو بالوجه وبالنسبة للمستلقي يبطل إذا انحرف بالوجه أو بباطن القدمين ) .
وليس من الكعبة الحجر ولا الشاذروان وهما معروفان لمن كان بمكة وسيأتي بيانهما في كتاب الحج إن شاء الله فمن كان بمكة واستقبل الحجر أو الشاذروان فإن صلاته لا تصح عند ثلاثة من الأئمة وخالف الحنابلة فانظر مذهبهم تحت الخط ( الحنابلة قالوا : إن الشاذروان وستة أذرع من الحجر وبعض ذراع فوق ذلك من الكعبة فمن استقبل شيئا من ذلك صحت صلاته )