- وها هنا سؤال ظاهر - وهو أن عقوبة التعزير لم ينص عليها في الشريعة الإسلامية بخصوصها فهل عمل الحاكم في هذا الباب يقال له : حكم شرعي أو وضعي ؟ .
وهذا هو السؤال الأخير فإليك الجواب .
والجواب : أنه لا يخرج حكم من الأحكام عن نصوص الشريعة الإسلامية . ما دامت السموات والأرض وليس معنى هذا أن كل حادثة منصوص عليها بخصوصها فإن هذا مما لا معنى له لأن الحوادث تتجدد بتجدد الزمان والمكان ولكن الغرض أن كل حادثة من الحوادث المتجددة لا بد أن تدخل تحت قاعدة كلية من قواعد الشريعة الإسلامية ( 1 ) .
( 1 ) ( فما من حادثة تحدث في المجتمع إلا ويجد الحاكم لها حكما في الشرع تحت قادعة من قواعد الشريعة الإسلامية خصوصا حد التعزير الذي أعطى للحاكم سلطة سن العقاب الزاجر الذي يراه مناسبا للمجرم المنحرف . فقد روي أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأى في طرقات المجينة رجلا يتبختر في مشيته ولمه فيه مظاهر العبث والاستهتار التي لا تليق بالرجال الكمل فزجره وأمره بترك مسلكه هذا فتعلل بالرجل بأن هذا في طبيعته ولا يطيق تركه فأمر سيدنا عمر بجلده وبعد ايام رآه سيدنا عمر على حاله من العبث والتخنث فأمر بجلده مرة أخرى ولم مض وقت طويل حتى جار الرجل وقد استقامت مشيته واعتدل مسلكه وقال : جزال الله خيرا يا أمير المؤمنين لقد كان الشيطان يلازمني فأذهبه الله عني بعقوبتك .
وروي أيضا أنه رأى امرأة في زي غير لائق ينم عن لريبة فسأل عنها فرف أنها إحدى الجواري فنهرها وضربها بدرته وحذرها من أن يراها متبذلة مرة أخرى فلم ترى بعد ذلك إلا متحشمة . وحدث أن سيدنا عمر Bه مر يوما بسوق المدينة فرأى رجلا أمه ( إياس بن مسلمة ) يعترض طريق المسلمين ويرفع صوته صاخبا عليهم ببضاعنه وهو يسد عليهم مسالكهم فعلاه بدرته فاستجاب الرجل وامتثل أمر أمير المؤمنين واستقام حاله .
فهذه قضايا لا حدود لها في الإسلام ولكن الحاكم تصرف فيها من باب التعزير الذي شرعه الله تعالى له )