- ويؤخذ من هذا الحديث أنه لا يحل لحاكم أن يقبل الشفاعة في حد من حدود الله تعالى ( الآتي بيانها ) كما لا يحل لأحد أن يشفع عن مجرم في حد وصل إلى الحاكم . وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء .
أما قبل وصول الأمر إلى الحاكم . فإن الشفاعة تصح كما يصح العفو بشرط أن يكون مستحق العقوبة غير معروف بالجرائم أما إذا كان من المعتادين على إذاء الناس أو كان من الأشرار الذين لا يصلحهم العفو فإنه يجب أن يرفع أمره إلى الحاكم ليوقع عليه الحد الذي يزجره عن ارتكاب الجريمة . فإن سرق شخص من آخر ولم تكن فيه عادة له من قبل وظن الشفيع أن العفو عنه لا يغريه فإن له أن يشفع فيه وللمعتادى عليه أن يعفو عنه وإلا فلا يحل له العفو عنه .
وقد وردت أحاديث بهذا المعنى : منها ما رواه الدارقتني : عن رسول الله A أنه قال : ( اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه ) هذا في الحدود .
وأما في القصاص فإن الشفاعة فيه تجوز لأنه حق العبد وله أن يعفو على أي حال .
وأما التعذير فقد قال الفقهاء : إن الشفاعة تحل فيه ولكن الظاهر المعقول أن عقوبة التعذير إن توقف عليها تأديب الجناة والمحافظة على النظام العام . لفإن الشفاعة لا تحل فيه .
كما لا يحل للحاكم أن يعفو وإلا فإن العفو يصح والشفاعة تجوز . وذلك لأن الشريعة الإسلمية مبنية على جلب المصلحة ودرء المفسدة فعلى الحاكم أن ينظر في هذا إلى ما فيه المصلحة ودفع المفسدة