- 1 - هل للزوجة الحق في النفقة من زوجها الغائب ؟ .
- 2 - وإذا كان فهل تصرف لها بدون كفيل أو لا بد من كفيل حتى إذا ظهر أنه قد مات ترد ما أخذته ؟ .
- 3 - هل للزوجة أن تطلب كفيلا بالنفقة ؟ في الجواب عن هذه الأسئلة تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : إذا غاب الزوج عن زوجته فإن في ذلك رأيين : .
الرأي الأول : أنه لا يفرض لها إلا بشروط : الشرط الأول : أن يكون لها مال مودع عند شخص أو دين عليه وفي هذه الحالة يفرض لها النفقة في ذلك المال . الشرط الثاني : أن لا يفتقر ذلك المال إلى بيع كأن يكون نقودا أو طعاما حبوبا ونحوها أما إذا افتقر إلى بيع كأن كان عرض تجارة أو عقارا أو نحوهما فإنه لا يفرض لها فيه شيء لأن مال الغائب لا يصح بيعه .
الشرط الثالث : أن يقر الشخص بأن عليه دين للغائب أو عنده وديعة له .
الشرط الرابع : أن يقر ذلك الشخص بأنها زوجته فإن أنكر المال أو الزوجية أو هما معا فإنها لا تقبل لها عليه بينة لا على المال لأنها ليست بخصم في إثبات الملك للغائب ولا على الزوجية لأن الشخص المنكر ليس بخصم في إثبات النكاح على الغائب ولا يمين عليهما لأنه لا يستحلف إلا بالخصم ولا خصومة .
ولو أقر بأنه كان عنده وديعة للغائب . أو كان عليها دين فأوفاه إياه فلا يمين عليه لأنها ليست خصما في ذلك وكذا إذا ادعى أن عنده وديعة أو دين ولكن الزوج أعطاها النفقة أو طلقها وانقضت عدتها قبل قوله في منع ما تحت يده فقط إلا إذا ادعت ضياع ما دفعه لها . أو أنه لم يكفها وبرهنت .
ويغني عن هذه الشروط علم القاضي بالمال المودع أو الدين وعلمه بالزوجية فإذا علم بأحدهما احتيج إلى الإقرار بالآخر ولا يمين ولا بينة ولا يرد أن القاضي لا يقضي بعلمه لأن هذا ليس من باب القضاء وإنما هو إعانة وفتوى .
الشرط الخامس : أن تحضر كفيلا يكفلها بحيث لو ظهر أنه طلقها وانقضت عدتها أو أنها ناشزة رجع عليها هي وكفيلها .
الشرط السادس : أن تحلف على أنه لم يعطها النفقة . وأنها غير ناشزة . وأنه لم يطلقها وتنقضي عدتها فإذا لم تتحقق هذه الشروط بأن لم يترك الزوج مالا يباع ويقر به من عنده المال كما يقر بالزوجية أو يعلم القاضي بالمال وبالزوجية فإنه لا يفرض لها عليه نفقة ومع ذلك فلا بد من أن ينضم ذلك الكفيل والحلف المذكوران .
الرأي الثاني : أنها إذا أقامت بينة على الزوجية فإنها يقضي لها بالنفقة لا بالنكاح فإن كان له مال حاضر ومودع عند شخص يقر به أو يعلمه القاضي فإنها تأخذ منه . وإلا أمرها بالاستدانة وهذا الرأي هو الذي عليه الفتوى وهو المعمول به أما الرأي الأول فمعناه القضاء على المرأة وعلى عفافها . فإن كثيرا من الناس يتركون نساءهم بدون نفقة أو منفق انتقاما منهن ويختفون عن أعينهن في المدن أو في قرية من القرى فإذا عمل بالرأي الأول مع هؤلاء الأشرار كثر شر الرجال وعذبت النساء عذابا شديدا فالحق الذي لا شك فيه ظاهر في الرأي الثاني . وهل للزوجة أن تطالب بكفيل يكفل لها النفقة جبرا عنه ؟ والجواب : أن لها أن تطلب كفيلا بشهر واحد إذا كان زوجها يغيب عنها . وهذا هو المعتمد إلا إذا أثبتت أنه يغيب أكثر من شهر فلها المطالبة بكفيل مدة غيبته . أما إذا تراضيا على إحضار كفيل يكفل لها النفقة ما دامت زوجته أو أقل أو أكثر فإنه يصح بشرط أن يحدد مبلغ النفقة الذي يكفل فيه . كأن يتفقا على نفقة شهرية قدرها خمسة جنيهات مثلا . ثم يكفل فيها ما دامت الزوجية قائمة بينهما أو أبدا فإذا لم يصرح بكلمة أبدا ولا بوقت فقيل : تحمل على شهر واحد . وقيل : بل على التأبيد . وهو الصحيح المفتى به .
والحاصل أنهما إذا تراضيا على نفقة معينة وكفلها شخص فإنه يلزم بها . فإذا لم يتفقا على شيء معين وأتى الزوج بكفيل فقال : إنه ضمن النفقة . فقيل : يصح وتعتبر الكفالة فيما ثبت على الزوج منها . لأن النفقة إن لم تجب بعد في الحال فإنها تجب بعد . وقيل لا يصح والمفتى به أنه في حال الغيبة تصح . ولكن لا يلزمه إلا المدة التي غاب فيها . وكذا في حال الحضور . المالكية - قالوا : الغائب كالحاضر في وجوب النفقة عليه . بشرط أن تمكنه من نفسها . وذلك بأن تدعوه للدخول هي أو وليها ولو لم يكن بواسطة حاكم فإن كان حاضرا فالأمر ظاهر وكذا إذا كان غائبا غيبة قريبة أما إذا كان غائبا غيبة بعيدة فيكفي في وجوب النفقة لها عليه أن لا تمتنع من التمكين بأن يسألها القاضي هل يمكنه من البناء بها إذا حضر ؟ فمتى قالت : نعم وجبت لها النفقة . فيعرض لها القاضي على زوجها الغائب نفقة مثلها ويقوم مقام القاضي في ذلك عند عدمه جماعة المسلمين . وتؤخذ من مال المودع عند أحد من الناس . ومن دينه الذي له على الناس سواء كان حالا أو مؤجلا . فإن كان مؤجلا اقترضت وأنفقت وسدت قرضها من ذلك الدين . وإذا أنكر المدين أن لزوجها دينا . أو أنكر المودع عنده وديعة زوجها . فلها أن تقيم البينة على إثباته . ولها إثباته بشاهد واحد تحلف معه على دعواها بعد أن تحلف بأنها تستحق على زوجها الغائب النفقة . وأنه لم يترك لها مالا ولا أقام لها وكيلا ينفق عليها ولا تطالب بكفيل يصرف ما لها من نفقة على أن للزوج الحق في إثبات إسقاط نفقتها بعد عودته فإذا أثبت أنها ناشزة ولا تستحق النفقة فإنه يرجع عليها بما أخذت . ولا يشترط أن يكون المال نقدا أو طعاما . بل يباع عليه داره وعقاره في نفقتها بعد ثبوت ملكه وأنها لم تخرج عن حوزته . وإن ادعى أنه أرسل لها النفقة أو تركها لها . فإن كانت قد رفعت أمرها إلى الحاكم وأذن لها في الإنفاق على نفسها كان القول بيمينها من وقت رفع الأمر للحاكم لا من وقت سفره . وللزوجة أن تطالب زوجها بأن يدفع لها النفقة مقدما عند عزمه على السفر كل مدة غيبته إلى قدومه . هذا إذا ادعى أنه يريد أن يسافر السفر المعتاد . أما إذا اتهم في أنه يريد سفرا طويلا غير معتاد فإن لها أن تطالبه بأن يدفع لها معجلا نفقة السفر المعتاد ويأتيها بكفيل يكفل لها ما زاد على السفر المعتاد ليعطيها ما كان ينفقه عليها زوجها بحسب حالهما وإن كان كل جمعة أو كل شهر أو كل يوم أو كل سنة والكفيل في هذه الحالة حق من حقوقها يجيز عليه الزوج أما إذا تراضيا على كفيل في زمن الحضر يكفل لها النفقة المقررة فإنه يصح ويلزم بها .
الشافعية - قالوا : متى سلمت نفسها إن كانت رشيدة أو سلمها وليها إن كانت صغيرة فإن نفقتها تجب على زوجها بالشرائط المتقدمة فإن كان غائبا عن بلدها فإن عليها أن ترفع الأمر إلى القاضي وتظهر له التسليم يعني استعدادها لتسليمه نفسها في أي وقت يحب وعلى القاضي أن يعلنه في البلد الذي هو بها وتنتظر مضي زمن إمكان الوصول إليه فإن منعه عذر من الحضور أو من التوكيل انتظرت زوال العذر فإن زال ولم يحضر فرضها عليه القاضي .
ويقوم مقام ذلك في زماننا الإعلان الرسمي . بأن تعلنه بأنها في طاعته ومستعدة للدخول وتسليم نفسها وتنتظر وصول الإعلان إليه فإن لم يجبها فرض لها القاضي النفقة فإن كان له مال أخذتها من ماله فإن لم يكن له مال أذنها بالاقتراض لتنفق ثم ترجع عليه فإن لم تعرف له مكانا بحث عنه القاضي بما وسعه فإن لم يظهر فرضها في ماله الحاضر وأخذ منها كفيلا بما يصرف لها لجواز أن يكون قد مات أو طلقها طلاقا بائنا والشافعية لا يجوزون الكفالة في هذه الحالة لأنه يشترط أن يكون المكفول فيه دينا واجبا والنفقة المستقبلة لم تجب على الزوجة حتى تأتي بكفيل يكفلها فيها فكيف يؤخذ عليها كفيل ؟ والجواب : أن هذا ليس كفالة دين وإنما هو كفالة إحضار بمعنى أن الكفيل يحضرها إذا تبين عدم استحقاقها .
ومن هذا تعلم أن النفقة المتجمدة يصح للزوجة أن تطالب بكفيل لها وأما النفقة المستقبلة فإنه لا يصح فيها الكفالة إلا على وجه الإحضار لأنها لم تجب .
الحنابلة - قالوا : إذا كان الزوج غائبا فإنه لا تفرض عليه نفقة زوجية إلا إذا أعلنه الحاكم الشرعي بأنها مستعدة لتسليم نفسها فإن جاء الزوج واستلمها بنفسه أو أرسل وكيلا عنه يحل له استلامها فاستلمها فإن النفقة تفرض عليه وإن لم يحضر لا هو ولا وكيله فإن القاضي يفرضها عليه من الوقت الذي يمكن الوصول إليها وتسلمها فإن مكنته من نفسها ثم غاب عنها لزمته النفقة على أي حال ويصح ضمان النفقة المتجمدة الماضية كما يصح ضمان النفقة المستقبلة بلا خوف عندهم ولو لم تقدر فإذا قال : ضمنت نفقتها ما دامت زوجة لزمه ضمان نفقة مثلها على الوجه السابق )