- كفارة الظهار ثلاثة أنواع مرتبة : أحدها عتق رقبة مؤمنة ( 1 ) ولا بد منها للقادر عليها . فمن لم يجد فكفارته صيام شهرين متتابعين بحيث يصوم ستين يوما أو يصوم شهرين بالهلال بدون أن يفطر يوما واحدا فمن عجز عن صيام شهرين متتابعين فكفارته إطعام ستين مسكينا ويتحقق العجز عن الصيام بأمور مفصلة في المذاهب ( 2 ) .
ولكل نوع من هذه الأنواع شروط مفصلة في المذاهب ( 3 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : لا يشترط في كفارة الظهار أن تكون الرقبة مؤمنة بل يجزي عتق الكافرة ) .
( 2 ) ( .
الحنابلة - قالوا : يتحقق العجز عن الصيام بواحد من خمسة أمور : أحدها : أن يكون مريضا ولو كان مرضه غير مستعص ولو لم يستمر شهرين . ثانيها : أن يكون شيخا كبيرا لا يقدر على الصيام . ثالثها : أن يخاف زيادة مرض قائم به أو يخاف طول مدته عليه . رابعها : أن يكون ذا شبق أي توقان للجماع فلا يستطع الصبر عن جماع زوجته وليس له زوجة غيرها يمكنه إتيانها . خامسها : أن يترتب على صيامه ضعف عن أداء عمله الذي يعيش منه فإذا كان في حالة من هذه الأحوال وعاد عن ظهاره فإنه يجب عليه إطعام ستين مسكينا .
الشافعية - قالوا : يتحقق العجز عن الصيام بواحد من أربعة أمور : الأول : أن يطرأ عليه مرض يغلب على الظن أنه يستمر شهرين بإخبار طبيب أو بحكم العادة وأولى أن يكون المرض شديدا لا يرجى برؤه . الثاني : يخاف زيادة المرض بالصيام . الثالث : أن تلحقه مشقة شديدة بالصيام أو بمتابعة ستين يوما بحيث لا يحتمل ذلك عادة . الرابع : أن يكون عنده شبق فلا يستطيع الصبر عن الجماع كل هذه المدة فإذا وجد واحد من هذه الأمور انتقل إلى إطعام ستين مسكينا .
الحنفية - قالوا : العجز عن الصوم لا يتحقق إلا إذا كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه أو كان ممن لا يقدر على الصيام فلو كفر المريض ثم برئ وجب عليه الصوم وتسقط الكفارة بالموت وبالطلاق البائن فقط إذا لم ترجع إليه .
المالكية - قالوا : يتحقق العجز عن الصيام بالمرض الذي لا يقوى صاحبه بعده على الصوم بحيث لا ينتقل إلى الإطعام إلا إذا ظن أن مرضه لا يرجى برؤه ويئس من القدرة على الصيام في المستقبل وبعضهم يقول : إذا طال به المرض ولا يدري أيبرأ أم لا ولعله يحتاج إلى امرأته فله أن يطعم ويصيب امرأته ثم إن عوفي من مرضه أجزأه ذلك الإطعام حتى ولو كان المرض من الأمراض التي يرجى برؤها ) .
( 3 ) ( الحنفية - قالوا : يشترط في الرقبة أن تكون كاملة الرق وأن تكون في ملكه وأن تكون مقرونة بنية الكفارة وأن تكون سليمة من العيوب التي تعطل المنفعة كلها كالصم التام والخرس لأن جنس المنفعة وهو السمع والكلام معدوم فإن كان يسمع قليلا أو ينطق بتكلف فإنه يصح لأن الشرط قيام جنس المنفعة وعلى هذا القياس مثلا إذا كان أعور فإن عوره لا يعيبه بخلاف الأعمى لأن منفعة البصر معدومة منه وكذا إذا كان مقطوع إحدى اليدين أو الرجلين وقوله : كاملة الرق خرج به المكاتب فإنه لا يصح إلا إذا عجز عن دين الكتابة ولم يؤد شيئا من دين الكتابة فإذا لم يجد رقبة فكفارته صيام شهرين متتابعين ليس فيهما شهر رمضان ولا يوم الفطر ولا يوم النحر ولا أيام التشريق بنية الكفارة ولا يحل له أن يجامع زوجته التي ظاهر منها في أيام الصيام لا ليلا ولا نهارا فإذا جامعها بالليل عامدا أو ناسيا فقد بطل صومه وعليه أن يستأنف مدة جديدة كذا إذا جامعها بالنهار عامدا لا ناسيا والفرق أن جماع الناسي في النهار لا يبطل صومه فلا يقطع الكفارة وقيل : الجماع في النهار كالجماع في الليل يقطع الكفارة سواء كان عمدا أو نسيانا فإن كان متزوجا غيرها وجامعها بالليل فإنه لا يضر أما إذا جامعها وهو صائم فقد بطل صيامه واستأنف مدة جديدة ولكن إذا جامعها بالنهار ناسيا فإنه لا يضر وإذا أفطر لعذر من مرض أو سفر فقد بطل صيامه ولو صام وجاء يوم الفطر أو النحر أو أيام التشريق فإن صيامه يبطل وعليه أن يستأنف مدة جديدة ويصح أن يصوم بالأهلة ولو كان كل شهر تسعة وعشرين يوما فإن صام بالأيام لا بالأهلة حتى مضت تسعة وخمسون يوما ثم أفطر يوما واحدا فقط أبطل صومه وعليه أن يصوم شهرين من أول الأمر وإذا أكل ناسيا وهو صائم فإنه لا يضره وإن صام شهرين إلا يوما ثم قدر على العتق قبل غروب شمس اليوم الأخير فإن صيامه يكون باطلا ويجب عليه العتق أما إذا قدر على العتق بعد نهاية صوم الستين يوما فإن الكفارة تتم بالصوم ولا يجب عليه العتق وإذا عجز عن الصيام أطعم ستين مسكينا لكل مسكين قدح وثلث من قمح ونحوه على الوجه المتقدم في كفارة الإيمان في الجزء الثاني وإذا وطئها في خلال الإطعام فإنه لا يستأنف ما مضى منه فإذا أطعم عشرين فقيرا أو مسكينا ثم جامع زوجته فإنه يأثم ولكن لا يبطل إطعام عدد العشرين بل يبقى عليه إطعام أربعين ولا تسقط الكفارة بالعجز عن الإطعام .
وحاصل المباحث المتعلقة بالكفارة أن لها ركنا وشرط وجوب ووقت وجوب وشرط صحة ومصرفا وصفة وحكما . فأما ركنها الذي تتحقق به فهو الفعل المخصوص من إعتاق أو صيام أو إطعام كما بينا وأما شرط وجوبها فهو القدرة عليها وأما وقت وجوبها فهو العزم على الوطء عزما مستمرا . بحيث لو عزم ثم رجع فإنها لا تجب وأما شرط صحتها فهو النية المقارنة لفعلها فلو أخرج الكفارة بدون نية ثم نوى فإنها لا تجزئه وأما مصرفها إن كانت إطعاما فهو مصرف الزكاة ولكن يصح صرفها للذمي دون الحربي وأما صفتها فهي عقوبة من حيث وجوبها على الشخص وهي عبادة حال أدائها لأن فيها امتثال أمر الشارع وأما حكمها فهو سقوط الواجب عن الذمة وحصول الثواب المقتضي لتكفير الخطايا وهل هي واجبة على التراخي أو على الفور ؟ رأيان وقد تقدم أنه يجبر على التكفير كي لا تتضرر المرأة بالهجران فالصحيح أنها واجبة على الفور .
الشافعية - قالوا : يشترط في جميع الأنواع نية الكفارة سواء كانت عتقا أو صياما أو إطعام ولكن يجب اقتران النية بنوع من هذه الأنواع فلو نوى أن يعتق هذا العبد كفارة عن الظهار ثم مضى زمن طويل وأعتقه بدون أن ينوي فإنه يصح وقيل : بل يجب اقترانها بالفعل إلا في الصوم فإنه ينوي بالليل ويلزم تعيين الظهار فإذا كان عليه كفارة صيام وكفارة ظهار وأخرج الكفارة ولم يعين عن إحداهما فإنها تصح عن إحداهما ولا يطالب بكفارة واحدة فإن عين وأخطأ بأن قال : نويت كفارة الصيام وعليه كفارة الظهار فإنها لا تصح ويشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة وأن تكون سليمة من العيوب المخلة بالعمل إخلالا بينا فيجزئ عتق الصغير والكبير والأقرع والأعور والأصم والأخرس الذي يفهم بالإشارة لأنه يمكنه أن يعمل في الحياة وإنما يجب الإعتاق إذا كان يملك رقبة أو يملك ثمنها زائدا على كفايته هو ومن يعول من نفقة وكسوة مدة عمره الغالب عادة وقيل بل يملك نفقته ونفقة من يعوله سنة بحيث لا يترتب على شراء الرقبة ضرر يلحقه أو يلحق من يعول وإن فاته بعض رفاهية ومن ملك رقيقا لا يستغني عن خدمته لمرض أو كبر أو نحو ذلك فلا يجب عليه عتقه ولا يلزمه أن يبيع عقاره أو رأس مال تجارته أو ماشيته المحتاج إليها ليشتري عبدا يعتقه فإن عجز عن الإعتاق انتقل إلى الصيام ويعتبر العجز وقت أداء الكفارة لا وقت الوجوب لأن وقت وجوبها هو عقب الظهار مباشرة أما وقت أدائها فليس فورا ولكن يحرم تأخيرها والصيام شهران متتابعان ولكن لا يلزمه أن ينوي التتابع بل يكفيه نية الكفارة وينقطع التتابع بإفطار يوم ولو لعذر لمرض أو سفر ولو كان اليوم الأخير من الستين ولا ينقطع بإغمائه طول اليوم فإن عجز عن الصيام على الوجه المتقدم انتقل إلى إطعام ستين مسكينا بالشروط الموضحة في الجزء الثاني فإن عجز عن إطعام ستين مسكينا فإن الكفارة تبقى دينا في ذمته بحيث يخرجها متى ملك فإذا ملك جزءا منها أخرجه ولا تتجزأ الكفارة في الصيام والعتق حالة عجزه عن الإطعام يجوز له وطؤها وإن لم يشق عليه الترك وإذا شرع في الإطعام ثم قدر على الصيام والعتق فإنه لا يجب عليه الانتقال إلى الصوم والعتق .
المالكية - قالوا : يشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة وأن لا تكون جنينا وأن تكون سليمة من العيوب فلا يجزئ الأعمى والأبكم والمريض في حال النزع ويجزئ الأعور والمغصوب والمرهون إن دفع دينه أما المريض مرضا خفيفا والمعيب عيبا خفيفا كالعرج الخفيف فإنه لا يضر فإن لم يكن عنده رقبة وكان معسرا لا يستطيع شراءها أو كان يملك رقبة محتاجا إليها ولا يملك غيرها فإن كفارته تكون بالصيام فعليه أن يصوم شهرين متتابعين بالهلال بحيث ينوي الصوم كفارة عن الظهار وينوي التتابع أيضا وتكفي نية واحدة في أول يوم من الشهر فإن صام في أثناء الشهر وجب عليه أن يتمه ثلاثين يوما وإذا صام ثلاثة أيام وفي أثناء الرابع قدر على شراء رقبة فإنه يجب عليه أن يتمادى على الصوم ولا يرجع إلى العتق إلا إذا فسد صومه بمفسد آخر فإنه يتعين عليه الرجوع إلى العتق أما إذا قدر على العتق فيما دون اليوم الرابع فإن كان في اليوم الأول وقبل الشروع في الثاني وجب العتق مع وجوب إتمام صوم اليوم وإلا ندب .
ويقطع تتابع الصيام وطء المرأة المظاهر منها حال الكفارة ولو في آخر يوم منه ويستأنف مدة من جديد لا فرق بين أن يكون الوطء عمدا أو نسيانا ليلا أو نهارا أما إذا وطئ امرأة غير مظاهر منها ليلا فإنه لا يضر . وإذا وطئها نهارا عمدا فإنه يقطع التتابع أما إذا وطئها ناسيا فإنه لا يقطع على المشهور وينقطع التتابع بالفطر بسبب السفر وبالمرض الذي ينشأ من السفر حقيقة أو توهما أما إذا مرض مرضا لا علاقة له بالسفر وأفطر فإن فطره لا يقطع التتابع . وكذا لو مرض وهو مقيم فأفطر فإن الفطر لا يقطع ويقضيه متصلا بصيامه . ولا يقطع التتابع فطر يوم العيد بشرط أن يصوم وهو يجهل أن صيامه يتخلله صيام يوم العيد . أما إن كان يعلم وصام ثم جاء يوم العيد فإن تتابعه ينقطع ولو كان يجهل حرمة صيام يوم العيد . ومثل ذلك ما إذا جهل رمضان . فإذا عجز عن الصيام على الوجه المتقدم انتقل إلى الإطعام بالشروط المتقدمة في صحيفة 81 في الجزء الثاني طبعة ثالثة ولا تسقط الكفارة إلا بالموت أو الطلاق البائن . وإن عجز عن الإطعام .
الحنابلة - قالوا : لا تلزم الرقبة إلا لم ملكها أو أمكنه ملكها بثمن مثلها أو مع زيادة لا تجحف بحاله ولو كان يملك مالا غائبا عنه فإنه يجب عليه بشرط أن يكون الثمن زائدا على حاجته وحاجة من يعول من زوجة وأولاد وخادم وقريب من نفقة ومسكن وخادم ومركوب وملبس يليق به وكتب علم ووفاء دين وغير ذلك . ويشترط أن تكون الرقبة مؤمنة . وأن تكون سليمة من عيب يضر بالعمل ضررا بينا كالعمى والشلل وأن لا تكون مريضة مرضا ميئوسا من شفائه فإن لم يجد الرقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين ولا يقطع التتابع صيام رمضان ولا فطر يوم العيد أو أيام التشريق . أو الجنون أو المرض المخوف أو الإغماء أو الفطر ناسيا أو مكرها أو لعذر مبيح الفطر كسفر ونحوه وإذا جامع المظاهر منها ليلا أو نهارا عامدا أو ناسيا انقطع التتابع أما إذا جامع غيرها ليلا أو نهارا ناسيا فإن التتابع لا ينقطع فإذا عجز عن الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينا على الوجه السابق في الجزء الثاني ولا يضره أن يطأ امرأته المظاهر منها في أثناء الإطعام )