- إذا قال لزوجته : أنت علي حرام أو أنت محرمة أو قال : حرمت ما أحله لي الله أو نحو هذا ففي وقوع الطلاق به تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : إذا قال لزوجته : أنت علي حرام أو محرمة أو حرمتك علي أو حرمت نفسي عليك فإنه ينظر فيه إلى العرف فإن كان المتعارف بين الناس استعمال هذه الألفاظ في الطلاق البائن وقع بائنا أو في الطلاق الرجعي وقع رجعيا . ولا يلزم في وقوعه النية لأنه في هذه الحالة يكون من باب الصريح لا من باب الكناية لأنه متى تعورف استعمال أنت محرمة في الطلاق كان مثل قوله : أنت طالق بلا فرق أما إذا كان العرف لا يستعملها في الطلاق إلا بالنية كانت من باب الكناية لا يقع بها شيء إلا بالنية ولكن العامي لا يفرق في استعمالها بين الطلاق البائن والطلاق الرجعي وإنما يستعملها في تحريم وطء المرأة والاستمتاع بها وهذا لا يكون إلا بالطلاق البائن لأن الطلاق الرجعي لا يحرم الاستمتاع بالمرأة عند الحنفية فيتعين حمل طلاق العامي بهذه العبارات على البائن أما الذي يعرف الفرق فيعمل بنيته وهذا لا ينافي كونه ملحقا بالصريح لأنك قد عرفت أن الصريح نفسه ينقسم إلى رجعي وبائن فإذا نوى به عددا فإنه يلزمه فلو قال : أنت حرام ونوى به الثلاث لزمه الثلاث بخلاف ما إذا نوى به طلقتين فإنه لا يلزمه إلا واحدة كما تقدم في الكناية .
وإذا عرفت أن المدار في إيقاع الطلاق بهذه العبارات على العرف تعلم أنه إذا كان العرف لا يستعمل هذه الألفاظ في الطلاق أصلا لا صريحا ولا كناية فإنه لا يقع بها شيء أصلا فالتقوى بإيقاع الطلاق بهذه الألفاظ تتبع العرف .
هذا إذا أضافها إلى المرأة كما هو واضح في الأمثلة المذكورة أما إذا لم يضفها إلى المرأة كأن قال : علي الحرام ولم يقل : منك أو قال : الحرام يلزمني أو كل حل علي حرام أو قال : علي الطلاق . أو الطلاق يلزمني فقد عرفت انه لا يقع به شيء لأنهم قد اشترطوا إضافة الطلاق إلى المرأة بذكر ما يدل عليها من اسم أو ضمير أو إشارة والعرف لا يغير الشرط . فلو قال : علي الحرام من امرأتي أو من زينب أو منك أو من هذه فإن كان العرف يستعمله في الطلاق الصريح وقع بدون نية وإن كان يستعمله في الطلاق كناية وقع الطلاق بالنية وإذا لم يستعمله في الطلاق أصلا لم يقع به شيء .
هذا وإذا قال : علي الطلاق منك لا أفعل كذا ونوى به الثلاث فإنها تلزمه لأن الطلاق المذكور بلفظ الجنس الذي يصدق بالواحد والكثير فإذا نوى به اثنتين فإنه لا يصح . المالكية - قالوا : لو قال لها : أنت علي حرام أو أنت حرام وإن لم يقل : علي . أو أنا منك حرام كان ذلك من الكنايات الظاهرة التي يلزم بها الطلاق بدون نية ثم إن كانت الزوجة مدخولا بها لزمه الطلاق الثلاث بصرف النظر عن كونه نوى واحدة أو أكثر وإن كانت غير مدخول بها ولم ينو عددا لزمه الثلاث أيضا وإن نوى عددا لزمه ما نواه سواء كان واحدة أو أكثر أما إذا قال : الحلال علي حرام أو حرام علي ما أحل لي أو ما أرجع إليه حرام فإنه إذا نوى إخراج زوجته واستثناءها من المحرم عليه فإنه يصح ولا تحرم وإلا حرمت لأن قوله : الحلال علي حرام يشمل جميع ما أحله الله له وهو لا يملك إلا تحريم زوجته فإذا نواه حرمت وإلا فلا وإذا قال لها : الحرام حلال ولم يقل علي أو قال : حرام علي أو علي حرام ولم يقل : أنت أو قال : يا حرام فإنه إذا نوى إخراج امرأته من الحرام فلا يلزمه شيء وإن نوى إدخالها كان كناية صريحة يلزم به الثلاث في المدخول بها وغيرها إن ينو في غير المدخول بها عددا وإذا حرم جزءا منها كأن قال : وجهك علي حرام فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها بدون نظر إلى نيته ويلزمه الثلاث في غير المدخول بها إن لم ينو عددا فإن نوى عددا لزمه ما نواه فإذا قال لها : وجهك على وجهي حرام - بتخفيف اللام - ففيه قولان : أحدهما : أنه لا يلزم به شيء إلا بالنية . وثانيهما : أنه مثل قوله : وجهك علي حرام وهو الراجح أما إذا قال لها : ما أعيش فيه حرام فإن فيه خلافا فبعضهم قال : إنه مثل وجهك علي حرام وبعضهم قال : إنه لا يلزمه به شيء إلا بالنية وهو الظاهر لأن الزوجة ليست من العيش فلم تدخل إلا بالنية .
هذا وقد عرفت أن المالكية يعولون على العرف في الكناية الظاهرة فيقولون : إن كل لفظ لا يصطلح الناس على استعماله في الطلاق ولا يتعارفون بينهم عليه لا يقع به شيء إلا بالنية . لأنه يكون كناية خفيفة لا ظاهرة .
الحنابلة - قالوا : إذا قال : علي الحرام أو يلزمني الحرام أو الحرام يلزمني فقال بعضهم : إنه كناية فيكون طلاقا بالنية وقال بعضهم : إذا نوى تحريم المرأة يكون ظهارا والصحيح أن العرف معتبر في ذلك فإن كان يستعمله في الطلاق كان كناية وإن كان يستعمله في الظهار كان ظهارا وإذا قال لها : أنت علي حرام أو ما أحل الله علي حرام أو الحل علي حرام أو حرمتك فإن ذلك يكون ظهارا حتى ولو نوى به الطلاق لا يلزمه ومثل ذلك ما إذا قال : فراشي علي حرام ونوى به امرأته فإنه يكون ظهارا وإذا قال لها أنا منك حرام فإنه لا يقع به شيء .
الشافعية - قالوا : إذا قال لها : أنت علي حرام أو أنت على الحرام أو حرمتك فإن هذه الألفاظ تصلح لأن تكون كناية عن الطلاق وعن الظهار فإذا نوى بها الطلاق وقع سواء نوى واحدة أو أكثر وكذا إذا نوى بها الظهار فإنه يصح ويلزمه كفارة الظهار الآتي بيانها وإذا نوى بها الطلاق والظهار جميعا فإن كان المنوي أولا الظهار عومل بهما جميعا فيكون عليه كفارة ظهار ويلزمه الطلاق الذي نواه أما إذا كان المنوي أول الطلاق فإن كان بائنا ثم نوى الظهار فهو ملغى لا كفارة له لأنها بانت منه أولا فأصبحت غير محل للظهار وإن كان رجعيا ثم نوى الظهار وقف العمل بالظهار فإذا راجعها عاد الظهار ولزمته كفارته وإلا فلا وهذا هو المعتمد .
أما إذا نوى بها تحريم عين المرأة أو تحريم فرجها أو بدنها أو جزء من أجزائها فإنه لا يلزم بذلك طلاق لأن هذه الأشياء أعيان والأعيان لا توصف بالتحريم وكذا إذا لم ينو بها شيئا من طلاق أو ظهار فإنه لا يلزمه شيء فإذا قال لامرأته : حرمتك وهو ينوي تحريم جسمها أو فرجها ثم وطئها كان عليه كفارة يمين وإنما تلزم كفارة اليمين إذا لم يقم بالزوجة مانع وقت قوله لها : حرمتك كأن كانت في حالة إحرام بالنسك وقد اختلف في الحائض والنفساء فقيل : إذا كانت حائضا أو نفساء وقال لها : حرمتك فلا كفارة عليه وقيل بل عليه كفارة . فإذا حرم عينا غير زوجته كأن قال : شرابي علي حرام أو لباسي كان لغوا من القول لا شيء فيه لأنه غير قادر على تحريم ما أحل الله له .
وإذا قال : علي الحرام أو حلال الله علي حرام أو الحرام يلزمني أو علي الحلال فإنها كناية يلزم بها ما نواه وإن اشتهر استعمالها في الطلاق وذلك لأنها لم توضع للطلاق بخصوصه ومثلها الألفاظ المتقدمة وهي أنت حرام وما بعدها فإنها وإن اشتهر استعمالها في الطلاق إلا أنها لم توضع له بخصوصه فلذا لم تكن طلاقا صريحا على المعتمد ونظر فيها إلى النية )