- إذا تزوج جديدة فإذا كانت بكرا كان لها الحق في المبيت عندها أسبوعا نافلة لها بحيث لا يحتسب عليها . وإن كانت ثيبا كان لها الحق في المبيت عندها ثلاث ليال فإذا انتهت مدة إقامته عند الجديدة عاد إلى القسم بين زوجاته على التفصيل المتقدم ( 1 ) ولا فرق بين أن تكون الجديدة أمة تزوجها على حرة . أو حرة لخبر ابن حيان في صحيحه " سبع للبكر وثلاث للثيب " وفي الصحيحين عن أنس أن السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثم قسم وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم .
وللزوجة أن تتنازل لضرتها عن نصيبها في مقابل مال تأخذه منها . أو بدون مقابل وإذا تنازلت لها ثم رجعت فإن رجوعها يصح وفي ذلك تفصيل المذاهب ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : لا اسستثناء لإحدى الزوجات في المبيت بل الجديدة والقديمة والبكر والثيب سواء فلو تزوج بكرا جديدة أو ثيبا جديدة ابتدأ المبيت عندهما سبع ليال للبكر وثلاث ليال للثيب ثم يعوض نساءه الباقيات عن هذه المدة وذلك هو معنى الحديث لأن الحديث لا يدل على عدم التسوية في القسم وإنما يدل على البدء بالدور ومن المعقول أن يجعل للجديدة أول الدور ويؤيد ذلك قوله تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل } فقد رفع عن الناس المؤاخذة فيما لا اختيار لهم فيه وهو الميل القلبي ونهاهم عن الميل الذي في اختيارهم وهو القسم مطلقا بدون استثناء للجديدة . ) .
( 2 ) ( الحنفية - قالوا : في التنازل عن القسم في نظير مال تأخذه من ضرتها . أو من الزوج خلاف فبعضهم يرى صحة التنازل وبطلان الشرط فلو تنازلت ليلتين مثلا ولم ترجع فيهما سقط حقها وليس لها أن تطالب بأخذ المال فإذا رجعت في تنازلها قبل قضاء الليلتين كان لها الحق في الرجوع وبعضهم يرى أن لها الحق في المال المشترط لأنه عوض عن حق تنازلت عنه فينفذ والأول أرجح وإذا تنازلت لواحدة معينة كضرتها زينب مثلا فهل للزوج أن يتصرف في هذا التنازل ويجعله لفاطمة بدل زينب ؟ في هذا رأيان : الأول : أنه لا يصح له أن يتصرف . والثاني : أنه يصح والأول أرجح لأن النوبة حق المرأة وقد تنازلت عنها لضرتها فإما أن تأخذه الضرة أو تتركه وليس للزوج فيه حق وقد يقال : إن الغرض من البيتوتة الأنس والراحة والاستمتاع وكل هذا متبادل بين الزوجين فإذا تنازلت المرأة عن حقها بقي حق الرجل فله أن يتصرفه كما يجب ومع هذا فإننا إذا فرضنا أنه حق خاص بالمرأة قبل الرجل وقد وهبته لغيرها كان معنى ذلك أنها أسقطته عنه بدون إلزام له فله أن يمنحه للموهوب لها وله أن يمنحه لغيرها والجواب : أن هذا حق خاص بالزوجة وإذا وهبته أصبح حقا للموهوب لها بدون مدخل للزوج فيه فإن شاءت أخذته وإن شاءت تركته وعلى هذا فلو تركته الموهوب لها لا يكون للزوج حق المبيت عندها وإذا رضيت الموهوب لها ليس للزوج رده خلافا للأئمة الثلاثة .
المالكية - قالوا : يجوز للضرة أن تهب نوبتها لضرتها بشرط رضاء الزوج وتختص به الموهوب لها فلو أراد الزوج أن يتصرف بنقل الهبة إلى غيرها لا يصح وذلك لأنه أذن فيه فأصبح ملتزما به بخصوصه أما إذا وهبت نوبتها لزوجها فإنه يصح وحينئذ يكون له التصرف فيها فيصرفها لمن يحب من زوجاته ولها الرجوع في هبتها .
وكما يجوز لها هبة نوبتها لضرتها . فكذلك يجوز لها أن تبيع نوبتها بعوض معين من مال وغيره لزوجها أو لضرتها ولكن لا يصح البيع للضرة إلا برضاء الزوج وإذا منع من البيع لا يلزمه أن يدفع لها الثمن ثم إذا اشترتها الضرة اختصت بها دون غيرها وإذا اشتراها الزوج كان له أن يخص بها من يشاء منهن وهل لإحدى الزوجات أن تشتري نصيب ضرتها في المبيت دائما أو جواز الشراء مقصور على نحو اليوم واليومين ؟ خلاف والمشهور أنه لا يجوز لها أن تبيع نصيبها دائما بل تبيع قليلا لا كثيرا ويجوز لها أن تتنازل عنها لضرتها بدون ثمن كما يجوز لها أن تعطي زوجها مالا لتبقى في عصمته أو ليدوم على حسن معاشرتها .
الحنابلة - قالوا : للمرأة أن تهب حقها من القسم في جميع الزمان وفي بعضه لبعض ضرائرها أو لكلهن بإذن الزوج كما أن لها هبته للزوج فيجعله لمن شاء منهن ولو أبت الموهوب لها ما دامت الواهبة قد رضيت هي والزوج لأن الحق لا يخرج عنهما فقد ثبت أن سودة وهبت يومها لعائشة فكان رسول الله A يقسم لعائشة يومها ويوم سودة . ولا تصح هبة نصيبها بمال خلافا للمالكية ووفاقا للشافعية فإن أخذت الواهبة عليه مالا لزمها رده لصاحبته . ويجب على الزوج في هذه الحالة أن يقضي لها الزمن الذي وهبته لضرتها لأنها إنما وهبته بشرط العوض ولم تأخذ العوض فحينئذ لها الرجوع فيما وهبته فإن كان العوض غير المال كإرضاء زوجها عنها جاز وبعض الحنابلة يقول : يجوز لها أن تأخذ عوضا ماليا في نظير تنازلها عن سائر حقوقها من القسم وغيره والأول هو المشهور وللواهبة أن ترجع في هبتها فيكون لها الحق في المستقبل أما الذي مضى فلا حق لها فيه .
الشافعية - قالوا : للزوجة أن تهب نوبتها في المبيت لضرتها المعينة بشرط أن يرضى الزوج ولا يشترط رضاء الموهوب لها بل للزوج أن يبيت عندها ولو كرهت وكذا لها أن تهبه للجميع وإذا وهبته للجميع أخذت كل واحدة نصيبها فيه وإذا وهبته للزوج فله أن يخصص من شاء منهن به ولا يجوز للواهبة أن تأخذ بدل حقها عرضا فإن أخذته لزمها رده وكان لها الحق في قضاء ما تنازلت عنه من نوبتها وفاقا للحنابلة .
وللواهبة الحق في الرجوع في هبتها متى شاءت فإذا رجعت كان لها الحق فيما بقي لا فيما مضى فلو قضى عند ضرتها الموهوب لها نصف الليلة الموهوبة مثلا ثم رجعت وجب عليه أن يخرج إليها إن لم يخف على نفسه فإن خاف كان عليه للواهبة نصف ليلة يقضيها لها .
واعلم أنه إذا وهبت إحدى الزوجات ليلتها لضرتها لزمه قضاؤها في وقتها مثلا إذا كانت نوبتها ليلة الخميس فوهبتها لضرتها وكانت ليلة ضرتها ليلة الجمعة بات عند الضرة ليلتين متواليتين ولا يجوز له أن ينقلها من ليلة الخميس إلى ليلة الاثنين مثلا وذلك لأن ليلة الاثنين التي يريد أن ينقل إليها حق للضرة الثالثة وربما تتضرر من تغيير ليلتها . فإذا رضيت جاز وأيضا فإن للواهبة الحق في الرجوع فلو وهبت له ليلة الاثنين فلا يجوز له أن يقدمها إلى ليلة الجمعة إلا برضا إذ قد يعن لها أن ترجع عن هبتها فلو قدمها انقضت فلا يكون لها حق في الرجوع . أما إذا كانت ليلتها الجمعة وأراد أن ينقلها إلى ليلة الاثنين فإنه يجوز من غير رضاها لأنه يريد أن يؤخرها لها لتكون لها الفرصة في الرجوع إذا شاءت ولكن لا يجوز له النقل إلا برضاء الضرة الثالثة وعلى هذا القياس .
هذا وقد نقل بعض محققي الحنفية هذا عن الشافعية فذكر أنهم يجيزون نقل الليلة الموهوبة بجوار ليلة الموهوب لها ليبيت عندها ليلتين متواليتين ورجع هو عدم الجواز لما يلحق الضرة الثالثة من الضرر ولكن الواقع أن الشافعية لم يجيزوا على الاطلاق بل اشترطوا رضاء الضرة ورضاء الواهبة بحيث لا يعود على واحدة منهن ضرر وهذا حسن ولا شيء فيه .
ويتضح من هذا كله أن الأئمة الثلاثة يقولون بعدم أخذ العوض المالي في نظير هبة النوبة من المبيت وكذلك لا يجوز للزوجة بيع نوبتها لضرتها أو لزوجها بعوض مال خلافا للمالكية القائلين بالجواز ولكن الحنابلة والحنفية لهم رأيان في هذا والراجح عدم الجواز كما عرفت أما الشافعية فإنه لا خلاف عندهم في عدم الجواز )