- للزوج أن يقسم بينهن بحسب حاله فإن كان ممن يعمل لقوته بالنهار قسم بالليل وإن كان ممن يعمل بالليل كالحارس وغيره قسم بينهن بالنهار ثم إن تراضوا على مدة معينة كأن يكون لهذه جمعة وللأخر مثلها فذاك وأن لم يتراضوا ففي ذلك تفصيل المذاهب ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) ( الحنفية - قالوا : للرجل أن يقدر المدة التي يقيمها عند إحداهن ولكن يشترط أن لا تزيد على أربعة أشهر وهي الإيلاء لأنه حلف أن لا يقرب امرأته ينتظر هذه المدة وعندها تبين منه إن لم يطأها فلو لم تكن هذه المدة هي التي تتضرر المرأة عند مجاوزتها لما حكم الشارع بإبانتها عندها وأيضا قد روي عن عمر أنه سأل ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن الرجل ؟ فقالت : أربعة أشهر فأمر القواد أن يصرفوا من كان له أربعة أشهر فإن قلت : إن الحنفية لا يوجبون الوطء على الرجل إلا مرة واحدة في العمر فكيف يجتمع هذا مع قولهم إن المرأة لا تصبر عن أكثر من أربعة أشهر ؟ قلت إن الحنفية يقولون ذلك على أن الرجل غير ملزم قضاء عند التنازع كما يأتي في الصحيفة التي تلي هذه والأفضل أن يقسم الزوج بينهن بما يزيل الوحشة بحيث لا يتركها مدة تتألم فيها وليس للرجل أن يذهب في ليلة إحداهن إلى الأخر فلو ذهب إلى غير صاحبة النوبة بعد الغروب يأثم أما في النهار فلا مانع أن يذهب إلى غير صاحبة النوبة ولكن ليس له أن يجامعها في غير نوبتها مطلقا وله أن يدخل إليها لعيادتها إن كانت مريضة وإذا اشتد بها المرض كان له أن يقيم عندها حتى تشفى إذا لم يكن عندها من يؤنسها وإذا ذهب إلى الضرة ومكث عندها أو وطئها في نوبة الأخرى فإنه لا يقضي .
المالكية - قالوا : إذا كان مقيما في بلدة واحدة مع زوجاته وجب عليه أن يقسم بيوم وليلة بدون زيادة ولا نقص إلا إذا تراضوا غير ذلك ومثل ذلك ما إذا كان بعض زوجاته مقيما ببلدة قريبة من بلدته بحيث تكون البلدتان في حكم الواحدة أما إذا كان في بلدة بعيدة فله أن يقسم بالجمعة أو الشهر حسب الحالة ويحرم على الزوج أن يدخل على ضرتها في يومها ليستمتع بها أما إذا دخل لقضاء حاجة غير ذلك فإنه يجوز ولو أمكنه أن يرسل آخر لقضائها ويندب أن يجعل القسم ليلا إلا إذا كان قادما من السفر فإنه مخير فيما يفعل .
الشافعية - قالوا : أقل نوب القسم ليلة لهذه وليلة للأخرى فلا يجوز ببعض ليلة ولا ببعض هذه الليلة وبعض الليلة التي تليها لأن في ذلك خلطا وتشويشا والأفضل أن يقسم بليلة وليس له أن يزيد على ثلاثة أيام إلا إذا تراضوا لما في الزيادة من طول العهد بينهن ويجب أن يقرع بينهن فيما يبدأ بها فإذا خرجت القرعة لواحدة بدأ بها وبعد تمام نوبتها يقرع بين الباقيات فإذا تمت النوب جرى على هذا الترتيب .
وإذا كان القسم بينهن نهارا لمن عمله بالليل . كالحارس ونحوه حرم عليه أن يدخل على ضرتها بالنهار إلا لضرورة كمرضها المخوف أما إذا كانت مريضة مريضا عاديا فلا أما بالليل فله أن يدخل لقضاء حاجة وله أن يستمتع بها بشرط أن لا يطأها فإن وطئها في نوبة ضرتها حرم . ومثل هذا ما إذا كان القسم بينهن ليلا لمن كان عمله بالنهار فإنه يحرم عليه أن يدخل على ضرتها بالليل لغير ضرورة وله الدخول بالنهار والاستمتاع بغير وطء وقد يعبر عمن كان قسمه بالنهار بأن النهار أصل والليل تبع وعمن كان قسمه بالليل بأن الليل أصل والنهار تبع فأما الأصل سواء كان الليل أو النهار فإنه لا يجوز له أن يدخل إلا لضرورة كعيادتها لمرض مخوف ولا يجوز له أن يطيل المكث فإن طال قضى لضرتها الوقت كله سواء كان الليل أو النهار . وأما التبع فإنه يجوز له أن يدخل لحاجة وإن لم تكن ضرورية فإن طال زمن قضاء الحاجة بطبيعته فلا يقضي لها شيئا وإن طال هو عمدا فإنه يقضي للزوجة الأخر ما زاد على قضاء الحاجة وإذا وطئها فلا يقضي الوطء لأنه تابع الداعية والنشاط وقد يوجد لإحداهن دون الأخرى ولكنه يرتكب محرما بالوطء .
الحنابلة - قالوا : يجب أن يكون القسم ليلة وليلة بحيث لا يزيد عن ذلك إلا إذا تراضوا عليه وله أن يخرج في ليلة كل واحدة منهن لقضاء ما جرت العادة به قضاء حقوق وواجبات وصلاة ونحو ذلك وليس له أن يتعمد الخروج الكثير في ليلة إحداهن دون الأخرى لأن في ذلك إجحافا بحقها أما إذا اتفق على ذلك لا يضره .
ويحرم عليه أن يدخل إلى ضرتها في نوبتها لا في الأصل ولا في التبع فإن كان القسم ليلا حرم عليه الدخول في الليل والنهار ولكن لا يجوز له أن يدخل بالليل إلا إذا كانت محتضرة وتريد أن توصي إليه ونحو ذلك من النوازل الخطيرة أما بالنهار فإنه يجوز له أن يدخل لحاجة كسؤال عن أمر يريد معرفته بشرط أن لا يمكث طويلا فإن مكث قضي اليوم لضرتها وكذلك إذا جامع فإنه يجب عليه أن يقضي الجماع خلافا للشافعية )