وكيفية حلف الولي أن يحلف بأن عقده وقع على خمسمائة لا على مائتين فهو يحلف على الفعل الصادر منه ويثبت المهر للزوجة ضمنا فلا يرد لأن الشخص لا يستحق شيئا بيمين غيره فكيف تستحق المهر بيمين وليها ؟ والجواب أنه لم يحلف على أن موليته تستحق المهر وإنما يحلف على أنه عقد بمهر كذا فهو حلف على الفعل لا على الاستحقاق فإن نكل الولي عن الحلف وحلف الزوج فهل يقضى للزوج بيمينه . أو ينتظر بلوغ الصغيرة لتحلف . أو تنكل ؟ وجهان ورجح الثاني وهو انتظار بلوغ الصغيرة .
فإن قلت : هل تحلف الصغيرة على نفي العلم أو تحلف على ثبوت دعواها ونفي دعوى الزوج جزما ؟ الجواب : أن في هذه المسألة وجهين أيضا والمناسب أن تحلف على نفي العلم بأن تقول : والله لا أعلم أن وليي زوجني بمائة بل بمائتين لأنها في الواقع لم تشهد الحال ولم تستأذن فلا يسعها أن تحلف جازمة وهذا بخلاف ما إذا كانت بكرا بالغة ووقوع الحلف بين الزوج والولي فإنها تحلف على الدعوى بطريق الجزم والقطع لأن العقد إن كان قد باشره الولي ولكن بعد استئذانها فهي مشاهدة للحال .
والحاصل أن الزوجين البالغين يحلفان على أصل الدعوى بطريق القطع والولي يحلف على فعل نفسه .
وفي كيفية حلف الصغيرة . والمجنونة بعد البلوغ والإفاقة قولان : فبعضهم يقول : إنهما يحلفان بطريق الجزم لا بنفي العلم وبعضهم يقول : بل يحلفان بنفي العلم والرأي الثاني لجمع من المتقدمين وهو الظاهر المناسب .
ثم بعد عجز أحد المتنازعين عن إثبات دعواه وتحالفهما يفسخ المهر المسمى ويثبت للزوجة مهر مثلها في حالة ما إذا كان النزاع في تسمية المهر ولها جميعه إن وقع الخلاف بعد الوطء ونصفه إن كان قبله فإن كان النزاع في قدر المهر كأن ادعت أنه مائة وهو ادعى أنه تسعون مثلا كان لها مهر مثلها ولو زاد على ما ادعته بأن كان مائة وخمسين .
وإذا وقع النزاع بين الزوج وبين الولي في قدر الصداق كأن قال الولي : هو مائتان وقال الزوج هو مائة وخمسون وكان مهر المثل يساوي مائتين وخمسين فقيل : يتحالفان وجوبا فإن نكل الزوج حلف الولي ويقضى له بدعواه وقيل : يقضى بمهر المثل والتحقيق أن للولي تحليف الزوج إذ ربما ينكل فيحلف الولي وتثبت دعواه فإن ادعى الزوج قدرا مساويا لمهر المثل فإن كان مساويا لقول الولي فالأمر ظاهر لأنه يوافق المسمى وتنقطع الخصومة وإن كان أقل من المسمى رجعت المسألة إلى أن للولي الحق في تحليفه لعله ينكل فتثبت الزيادة التي في المسمى .
الحنابلة - قالوا : إذا اختلف الزوجان . أو ورثتهما بعد موتهما . أو زوج الصغيرة ووليها في قدر الصداق كأن قال : مائة وقالت : مائتان أو في عين الصداق كأن قالت : صداقي هو هذا الثوب وقال : بل هذا الثوب الآخر . أو في جنسه بأن قال : تزوجتها على إبل : وقالت بل على خيل أو قال : على قمح وقالت : على ذهب أو صفته أو اختلفا فيما يستقر به الصداق من الدخول والخلوة والقبلة والمس والنظر بشهوة كما تقدم فادعت الدخول وأنكر فإذا لم يكن لأحدهما ما يثبت دعواه كان القول للزوج أو وارثه بيمينه . وذلك لأنه منكر فلو اختلفا في عين الصداق بأن ادعت أن صداقها هذا الحيوان وهو قال لها : بل هذا الحيوان فقد أنكر الزوج دعواها في عين الصداق والقول للمنكر بيمينه وكذا إذا اختلفا في صفته كأن قالت : تزوجني على قمح هندي وقال : بل على قمح مصري فإنه أنكر دعواها بأن صداقها هو القمح الهندي وكذا إذا اختلفا في الجنس كأن ادعت أنه تزوجها على كذا من البر فأنكر وقال : إنه كذا من الشعير وهكذا فهو منكر والأصل براءة ذمته من شيء لم يقر به ولا بينة عليه فهو منكر غير مقر ولا بينة فلا يلزمه إلا اليمين فإذا نكل قضي لها وإذا حلف قضي له بقوله أما إذا اختلفا في قبض الصداق بأن ادعى الزوج أنها قبضت الصداق وأنكرت كان القول لها بيمينها . أو لوارثها إن كانت ميتة ومثل ذلك ما إذا اختلفا على تسمية المهر بأن ادعى أنه قد سمى لها مائة وأنكرت لتتوصل بذلك إلى مهر مثلها الزائد عن المائة وبلا بينة كان القول قولها بيمينها فيقضى لها بمهر المثل ولا فرق في ذلك كله بين أن يختلفا قبل الدخول . أو بعده قبل الطلاق أو بعده لأن المدار في الفصل بينهما إما على البينة إن وجدت وإلا فعلى الزوج في بعض الأحوال بأن يكون القول قوله بيمينه وعلى الزوجة في البعض الآخر وهو أن يكون القول قولها بيمينها )